كافة) قيل: معناه كافين لهم كما يقاتلونكم كافين، وقيل: معناه جماعة كما يقاتلونكم جماعة، وذلك أن الجماعة يقال لهم: الكافة كما يقال لهم: الوازعة لقوتهم باجتماعهم، وعلى هذا قوله: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة). انتهى.
وقال في المجمع: كافة بمعنى الإحاطة مأخوذ من كافة الشئ وهى حرفه وإذا انتهى الشئ إلى ذلك كف عن الزيادة، وأصل الكف المنع. انتهى.
وقوله: (كافة) في الموضعين حال عن الضمير الراجع إلى المسلمين أو المشركين أو في الأول عن الأول وفي الثاني عن الثاني أو بالعكس فهناك وجوه أربعة، والمتبادر إلى الذهن هو الوجه الرابع للقرب اللفظي الذي بين الحال و ذي الحال حينئذ، ومعنى الآية على هذا: وقاتلوا المشركين جميعهم كما يقاتلونكم جميعكم.
فالآية توجب قتال جميع المشركين فتصير نظيرة قوله تعالى: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) الآية ينسخ هذه ما ينسخ تلك وتتخصص أو تتقيد بما تخصص أو تقيد به هي.
والآية مع ذلك إنما تتعرض لحال القتال مع المشركين وهم عبدة الأوثان غير أهل الكتاب فان القرآن وإن كان ربما نسب الشرك تصريحا أو تلويحا إلى أهل الكتاب لكنه لم يطلق المشركين على طريق التوصيف إلا على عبدة الأوثان، وأما الكفر فعلا أو وصفا فقد نسب إلى أهل الكتاب وأطلق عليهم كما نسب وأطلق إلى عبدة الأوثان.
فالآية أعني قوله: (وقاتلوا المشركين كافة) الآية لا هي ناسخة لاية أخذ الجزية من أهل الكتاب، ولا هي مخصصة أو مقيدة بها. وقد قيل في الآية بعض وجوه أخر تركناه لعدم جدوى في التعرض له.
وقوله: (واعلموا أن الله مع المتقين) تعليم وتذكير وفيه حث على الاتصاف بصفة التقوى يترتب عليه من الفائدة: أولا: الوعد الجميل بالنصر الإلهي والغلبة والظفر فان حزب الله هم الغالبون.
وثانيا: منعهم ان يتعدوا حدود الله في الحروب والمغازي بقتل النساء والصبيان ومن ألقى إليهم السلام كما قتل خالد في غزوة حنين مراة فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينهاه عن ذلك وقتل رجالا من بنى جذيمة وقد أسلموا فوداهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتبرأ إلى