يوم لا تنطبق على اثنى عشر شهرا قمريا هي ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما تقريبا إلا برعاية حساب الكبيسة غير أن ذلك هو الذي يناله الحس وينتفع به عامة الناس من الحاضر والبادي والصغير والكبير والعالم والجاهل.
ثم قسموا الشهر إلى الأسابيع وإن كان هو أيضا لا ينطبق عليها تمام الانطباق لكن الحس غلب هناك أيضا الحساب الدقيق، وهو الذي أثبت اعتبار الأسبوع وأبقاه على حاله من غير تغيير مع ما طرء على حساب السنة من الدقة من جهة الأرصاد، وعلى حساب الشهور من التغيير فبدلت الشهور القمرية شمسية تنطبق عليها السنة الشمسية تمام الانطباق.
وهذا بالنسبة إلى النقاط الاستوائية وما يليها من النقاط المعتدلة أو ما يتصل بها من الأرض إلى عرض سبع وستين الشمالي والجنوبي تقريبا، وفيها معظم المعمورة وأما ما وراء ذلك إلى القطبين الشمالي والجنوبي فيختل فيها حساب السنة والشهر والأسبوع، والسنة في القطبين يوم وليلة، وقد اضطر ارتباط بعض اجزاء المجتمع الانساني ببعض سكان هذه النقاط - وهم شرذمة قليلون - أن يراعوا في حساب السنة والشهر والأسبوع واليوم ما يعتبره عامة سكان المعمورة فحساب الزمان الدائر بيننا إنما هو بالنسبة إلى جل سكان المعمورة من الأرض.
على أن هذا إنما هو بالنسبة إلى ارضنا التي نحن عليها، وأما سائر الكواكب فالسنة وهى زمان الحركة الانتقالية من الكوكب حول الشمس دورة واحدة كاملة - فيها تختلف وتتخلف عن سنتنا نحن، وكذلك الشهر القمري فيما كان له قمر أو أقمار منها على ما فصلوه في فن الهيئة.
فقوله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) الخ ناظر إلى الشهور القمرية التي تتألف منها السنون وهى التي لها أصل ثابت في الحس وهو التشكلات القمرية بالنسبة إلى أهل الأرض.
والدليل على كون المراد بها الشهور القمرية - اولا - قوله بعد: (منها أربعة حرم) لقيام الضرورة على أن الاسلام لم يحرم إلا أربعة من الشهور القمرية التي هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، والأربعة من القمرية دون الشمسية.