ولا ينسب الشر إليه سبحانه إلا ما قصد به الجزاء على الشر كما قال تعالى: (يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين) البقرة: 26.
وذلك بأن يفسق العبد فيمنعه الله الهداية فيكون ذلك إذنا لداعى الضلال وهو الشيطان ان يزين له سوء عمله فيغويه ويضله، ولذلك قال تعالى: (زين لهم سوء أعمالهم) ثم عقبه بقوله: (إن الله لا يهدى القوم الكافرين) كأنه لما قيل: زين لهم سوء أعمالهم قيل: كيف أذن الله فيه ولم يمنع ذلك قيل: إن هؤلاء كافرون والله لا يهدى القوم الكافرين.
(بحث روائي) في تفسير العياشي عن أبي خالد الواسطي في حديث ثم قال - يعنى أبا جعفر عليه السلام - حدثني أبي عن علي بن الحسين عن أمير المؤمنين عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما ثقل في مرضه قال: أيها الناس إن السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثم قال بيده:
رجب مفرد وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلاث متواليات.
أقول: وقد ورد في عدة روايات تأويل الشهور الاثني عشر بالأئمة الاثني عشر، وتأويل الأربعة الحرم بعلى أمير المؤمنين وعلي بن الحسين وعلي بن موسى وعلي بن محمد عليهم السلام، وتأويل السنة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وانطباقها على الآية بما لها من السياق لا يخلو عن خفاء.
وفي الدر المنثور أخرج أحمد والبخاري ومسلم أبو داود وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أبي بكرة: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب في حجته فقال: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مفرد الذي بين جمادى وشعبان.
أقول: وهى من خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم المشهورة، وقد رويت بطرق أخرى عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وان أبى حمزة الرقاشي عن عمه وكانت له صحبة وغيرهم.
والمراد باستدارة الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض استقرار الاحكام الدينية على ما تقتضيه الفطرة والخلقة وتمكن الدين القيم من الرقابة في اعمال الناس، ومن