(بيان) عتاب من الله سبحانه لأهل بدر حين اخذوا الاسرى من المشركين ثم اقترحوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان لا يقتلهم ويأخذ منهم الفداء ليصلح به حالهم ويتقووا بذلك على أعداء الدين، وقد شدد سبحانه في العتاب إلا أنه أجابهم إلى مقترحهم وأباح لهم التصرف من الغنائم. وهى تشتمل الفداء.
وفي آخر الآيات ما هو بمنزلة التطميع والوعد الجميل للأسرى ان أسلموا والاستغناء عنهم ان أرادوا خيانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى: (وما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض) إلى آخر الآيات الثلاث، الأسر: الشد على المحارب بما يصير به في قبضة الاخذ له كما قيل والأسير هو المشدود عليه، وجمعه الاسرى والاسراء والأسارى والأسارى، وقيل الاسارى جمع جمع وعلى هذا فالسبي أعم موردا من الأسر لصدقه على اخذ من لا يحتاج إلى شد كالذراري.
والثخن بالكسر فالفتح الغلظ، ومنه قولهم: أثخنته الجراح وأثخنه المرض قال الراغب في المفردات: يقال: ثخن الشئ فهو ثخين إذا غلظ فلم يسل ولم يستمر في ذهابه، ومنه استعير قولهم: أثخنته ضربا واستخفافا قال الله تعالى: (ما كان لنبي ان يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) (حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق) فالمراد بإثخان النبي في الأرض استقرار دينه بين الناس كأنه شئ غليظ انجمد فثبت، بعد ما كان رقيقا سائلا مخشى الزوال بالسيلان.
والعرض ما يطرأ على الشئ ويسرع فيه الزوال، ولذلك سمى به متاع الدنيا لدثوره وزواله عما قليل، والحلال وصف من الحل مقابل العقد والحرمة كأن الشئ الحلال كان معقودا عليه محروما منه فحل بعد ذلك، وقد مر معنى الطيب وهو الملائمة للطبع.
وقد اختلف المفسرون في تفسير الآيات بعد اتفاقهم على انها إنما نزلت بعد وقعة بدر تعاتب أهل بدر وتبيح لهم الغنائم.
والسبب في اختلاف ما ورد في سبب نزولها ومعاني جملها من الاخبار المختلفة،