وكان أكثر الفداء أربعة آلاف درهم وأقله ألف درهم فبعثت قريش بالفداء أولا فأولا فبعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فداء زوجها أبى العاص بن الربيع، وبعثت قلائد لها كانت خديجة جهزتها بها، وكان أبو العاص ابن أخت خديجة، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك القلائد قال: رحم الله خديجة هذه قلائد هي جهزتها بها فأطلقه رسول الله صلى الله عليه آله وسلم بشرط ان يبعث إليه زينب، ولا يمنعها من اللحوق به فعاهده على ذلك ووفى له.
قال: وروى أن النبي صلى الله عليه آله وسلم كره أخذ الفداء حتى رأى سعد بن معاذ كراهية ذلك في وجهه فقال: يا رسول الله هذا أول حرب لقينا فئة المشركين، والاثخان في القتل أحب إلى من استبقاء الرجال، وقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله كذبوك وأخرجوك فقدمهم واضرب أعناقهم، ومكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، ومكنى من فلان أضرب عنقه فان هؤلاء أئمة الكفر، وقال أبو بكر: أهلك وقومك استان بهم واستبقهم وخذ منهم فدية فيكون لنا قوة على الكفار قال ابن زيد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو نزل عذاب من السماء ما نجا منكم أحد غير عمر وسعد بن معاذ.
وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: كان الفداء يوم بدر كل رجل من المشركين بأربعين أوقية، والأوقية أربعون مثقالا إلا العباس فان فداءه كان مائة أوقية، وكان أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ذلك غنيمة ففاد نفسك وابنى أخيك نوفلا وعقيلا فقال: ليس معي شئ. فقال: أين الذهب الذي سلمته إلى أم الفضل وقلت:
ان حدث بي حدث فهو لك وللفضل وعبد الله وقثم. فقال: من أخبرك بهذا؟ قال: الله تعالى فقال: أشهد أنك رسول الله والله ما اطلع على هذا أحد إلا الله تعالى.
أقول: والروايات في هذه المعاني كثيرة من طرق الفريقين تركنا إيرادها إيثارا للاختصار.
وفي قرب الاسناد للحميري عن عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال:
اوتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمال دراهم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للعباس: يا عباس ابسط رداء وخذ من هذا المال طرفا فبسط رداء وأخذ منه طائفة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عباس هذا من الذي قال الله تبارك وتعالى: (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم) قال: نزلت في العباس ونوفل وعقيل.