تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ١٤١
ولقد أجاد فيما أفاد غير أن الآحاد من الروايات لا تكون حجة عندنا إلا إذا كانت محفوفة بالقرائن المفيدة للعلم أعني الوثوق التام الشخصي سواء كانت في أصول الدين أو التاريخ أو الفضائل أو غيرها إلا في الفقه فإن الوثوق النوعي كاف في حجية الرواية كل ذلك بعد عدم مخالة الكتاب والتفصيل موكول إلى فن أصول الفقه.
وأما كون هذا التأذين فضيلة فلا ينبغي الارتياب فيه وليعتبر التأذين الأخروي بالتأذين الدنيوي فالتأذين هو إعلام الحكم من قبل صاحبه ليستقر على المحكومين فالمؤذن هو الرابطة يربط صاحب الحكم بالمحكومين بتقرير حكمه عليهم والرابطة في شرفها وخستها يتبع الطرفين، ومن الواضح أن الطرف إذا كان هو الله عز اسمه كان في ذلك من الشرف والكرامة ما لا يعادله شئ كما في وساطة إبراهيم عن الله سبحانه في قوله:
" وأذن في الناس بالحج " الحج: 27، ووساطة علي عليه السلام في إبلاغ آيات البراءة:
" وأذان من الله ورسوله إلى الناس " الخ، براءة: 3، هذا في الاذان والاعلام التشريعي الذي يستقر به حكم الحاكم على المحكومين به، وأما الاذان غير التشريعي كما في أذان يوم القيامة أن لعنة الله على الظالمين ففيه استقرار البعد التام واللعن المطلق الدائم على الظالمين بعد إشهادهم حقية الوعد الإلهي الذي بلغهم منه تعالى من طريق أنبيائه ورسله، وفيه تثبيت ما في ظهور حقائق الوعد والوعيد للظالمين من النتيجة العائدة إليهم فافهم ذلك ولا يهونن عليك أمر الحقائق، ولا تساهل في البحث عنها إن كنت ذا قدم فيه.
وهذا هو الذي يشير إليه علي عليه السلام نفسه فيما مر من خطبته إذ قال: وأنا المؤذن في الدنيا والآخرة.
والرواية - كما تقدم - مروية بطرق متعددة من الشيعة عن علي والباقر والرضا عليهم السلام من طرق أهل السنة ما رواه الحاكم بإسناده عن ابن الحنفية عن علي وبإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس والرجل جيد الرواية ضابط في الحديث ينقل في التفاسير الروائية وغيرها رواياته في التفسير لكنهم لم يذكروا روايته هذه حتى مثل السيوطي الذي يستوفي في الدر المنثور ما رواه في التفسير ترك ذكر الحديث، وما أدري ما هو السبب فيه؟.
وفي الدر المنثور أخرج أبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يوضع الميزان يوم القيامة فيوزن الحسنات والسيئات فمن
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست