القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٧
تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس) إلى قوله ﴿أولئك هم الغافلون﴾ (1).
عند التدبر في هذه الآيات الكريمة نرى بالنظرة البدائية في قوله (ولا تشركوا به شيئا) أنه تعالى ينهي عن عبادة الأصنام وعندما نتوسع بعض التوسع نرى النهي عن عبادة غير الله من دون أذنه، ولو توسعنا أكثر من هذا لنرى النهي عن عبادة الانسان نفسه باتباع شهواتها، أما لو ذهبنا إلى توسع أكثر فنرى النهي عن الغفلة عن الله والتوجه إلى غيره.
ان هذا التدرج - ونعني به ظهور معنى بدائي من الآية ثم ظهور معنى أوسع وهكذا - جار في كل من الآيات الكريمة بلا استثناء.
وبالتأمل في هذا الموضوع يظهر معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله في كتب الحديث والتفسير من قوله: (ان للقرآن ظهرا وبطنا ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن) (2).
وعلى هذا للقرآن ظاهر وباطن أو ظهر وبطن، وكلا المعنيين يرادان من الآيات الكريمة، الا أنهما واقعا في الطول لا في العرض، فان إرادة الظاهر لا تنفي إرادة الباطن وإرادة الباطن لا تزاحم إرادة الظاهر.

(١) سورة الأعراف: ١٧٩.
(2) الصافي المقدمة الثانية، وسفينة البحار بطن.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»