بالامكان والفقدان إذ قد تقرر في العلوم العقلية ان نسبة الشئ إلى فاعله بالوجوب والى قابله بالامكان فإذا نظرت إلى الأشياء أنفسها فهى ليست الا المهيات العاريات والمواد العاطلات فالمهيات ليس لها في ذواتها الا الامكان وإذا سئل بطرفي النقيض عنها فليس الجواب الا الخلو عنهما كليهما وعدم اقتضاء ذواتها شيئا منهما جميعا واما المواد فليس لها في ذواتها الا القوة والاستعداد وقوة الشئ من حيث هي قوة الشئ ليست بشئ فكل الحسن والاحسان وجميع الحلى والحلل والفعلية والنور من الكمالات الأولى والثانية من العواري والطواري فيها وعليها من الله مالك الملك بل نفس ذواتها كك فالفقر نفذ إلى تخوم ذواتها فضلا عن صفاتها وافعالها يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى فإذا أرجعت الانسان الطبيعي مثلا إلى أصله العنصري كما سيرجع فلحظته فقط وبشرط لا رأيته مصداقا لقول علي (ع) ما لابن ادم والفخر أوله نطفة فذرة واخره جيفة قذرة فانا وأنت وهو من الممكنات لسنا الا هذا واليه يرجع عواقب الثناء والخير بيديه والشر ليس إليه فلو ادعينا انا دفعنا عن مستضر ضرا أو أنلنا آملا مأمولا من حيث نحن نحن فقد استسمنا ذوي ورم ولسنا الا مجالي قدرته ومظاهر صفته له الملك وله الحمد ولا حول ولا قوة الا به به هيهات من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا حياة ولا نشورا كيف يمكنه جلب النفع لغيره أو دفع الضر عن غيره وما قال الحكماء ان كل كائن مركب من العناصر الأربعة وهي أصله معين في علم التوحيد قال تعالى ومن آياته ان خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون وهذه مسألة جزئية من الحكمة وهذا ثمرها فما قولك في المسائل المهمة الأخرى منها فاعرف قدرها واغل مهرها واطلب العلم من المهد إلى اللحد وقال تعالى في الكتاب الحكيم ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وبالجملة فليرجع السالك إلى الله كل شئ إلى أصله قابله إلى أصله الخسيس القابلي ومقبوله إلى أصله الشريف الفاعلي وليعط كل ذي حق حقه وليضع كل شئ موضعه حتى يكون عدلا قويما وعلى الصراط مستقيما فبالعدل قامت السماوات والأرض وما يحكى ان الغلام المسمى باياز مع كمال تقربه عند مولاه المجازى وهو السلطان محمود الغزنوي كان حافظا في المدة الطويلة نعليه الباليين وجلبابه الرث الخلق من أيام مسكنته في بيت مغلق وكان كل يوم يدخل فيه مرة وينظر فيه رمز إلى أن العبد الحقيقي وان بلغ من عناية المولى الحقيقي ما بلغ ينبغي ان لا يدع شيمة العبودية ولا يتفوه بما يعده أهل الله من الشطحيات
(١١٣)