التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٤٧٦
قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، فعندها يليهم أقوام إن تكلموا قتلوهم، وإن سكتوا استباحوهم، ليستأثرون بفيئهم، وليطأون حرمتهم، وليسفكن دماءهم، وليملأن قلوبهم دغلا ورعبا، فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين.
قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟
قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، إن عندها يؤتى بشئ من المشرق، وشئ من المغرب، يلون أمتي، فالويل لضعفاء أمتي منهم، والويل لهم من الله لا يرحمون صغيرا، ولا يوقرون كبيرا، ولا يتجافون عن مسئ، جثتهم جثة الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين.
قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟
قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ويغار على الغلمان، كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وتركبن (1) ذوات الفروج السروج، فعليهن من أمتي لعنة الله.
قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟
قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، إن عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس، وتحلى المصاحف، وتطول المنارات، وتكثر الصفوف، قلوب متباغضة وألسن مختلفة.
قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟
قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تحلى ذكور أمتي بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج، ويتخذون جلود النمور صفافا.
قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟
قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يظهر الربا، ويتعاملون بالعينة (2) والرشا، ويوضع الدين، وترفع الدنيا.

1 - وفي المصدر: " ولتركبن ". وهذا هو الأصح.
2 - العينة - بالكسر -: السلعة، وقد جاء ذكرها في الحديث واختلف في تفسيرها، فقال ابن إدريس في السرائر:
العينة: معناه في الشريعة هو: أن يشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها بدون ذلك الثمن نقدا، ليقضي دينا عليه لمن قد حل له عليه، ويكون الدين الثاني، وهو العينة من صاحب الدين الأول مأخوذ ذلك من العين وهو النقد الحاضر.
وقال: في التحرير: العينة جائزة، فقال في الصحاح: هي السلف. مجمع البحرين: ج 6، ص 288، مادة " عين ".
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»