التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٤٣٤
اليأس، قنوط من أن تعود عليه تلك النعمة المنزوعة قاطع رجاءه من سعة فضل الله.
كفور: عظيم الكفران لنعمه.
(10) ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته كصحة بعد سقم، وغنى بعد عدم.
وفي اختلاف الفعلين في الاسناد نكتة لا تخفى. ليقولن ذهب السيئات عنى: أي المصائب التي سائتني وحزنتني. إنه لفرح: أشر بطر مغتر بها. فخور: على الناس بما أنعم الله عليه، قد شغله الفرح والفخر عن الشكر والقيام بحقها.
القمي قال: إذا أغنى الله العبد ثم اقترصا به اليأس والجزع والهلع (1)، وإذا كشف الله عنه ذلك فرح. قيل: في لفظتي الإذاقة والمس: تنبيه على أن ما يجده الانسان في الدنيا من النعم والمحن كالأنموذج لما يجده في الآخرة وإنه يقع في الكفران والبطر بأدنى شئ، لأن الذوق: إدراك الطعم، والمس: مبدء الوصول.
(11) إلا الذين صبروا: في الشدة على الضراء إيمانا بالله واستسلاما لقضائه.
وعملوا الصالحات: في الرخاء شكرا لآلائه سابقها ولاحقها. أولئك لهم مغفرة وأجر كبير.
(12) فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك: تترك تبليغ بعض ما يوحى إليك، وهو ما يخالف رأي المشركين مخافة ردهم واستهزائهم به. وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل إليه كنز: ينفقه في الاستتباع كالملوك. أو جاء معه ملك: يصدقه. إنما أنت نذير:
ليس عليك إلا الانذار بما أوحى إليك، ولا عليك ردوا أو اقترحوا فما بالك يضيق به صدرك. والله على كل شئ وكيل: فتوكل عليه فإنه عالم بحالهم، وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم، ويأتي في هذه الآية كلام في سورة بني إسرائيل إن شاء الله.
وفي الكافي: عن الصادق عليه السلام في هذه الآية إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نزل قديدا (غديرا خ ل) قال لعلي عليه السلام: إني سألت ربي أن

1 - الهلع محركة الجزع ق.
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست