التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٤٧
القمي: أي هربوا عنكم. يبغونكم الفتنة: يريدون أن يفتنوكم بإيقاع الخلاف فيما بينكم والرعب في قلوبكم وإفساد نياتكم في غزوتكم. وفيكم سمعون لهم:
أي عيون نمامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم، أو فيكم قوم يسمعون قول المنافقين ويقبلونه ويطيعونهم، يريد من كان ضعيف الأيمان من المسلمين. والله عليم بالظالمين:
المصرين على الفساد، يعلم ضمائرهم وما يتأتى منهم.
(48) لقد ابتغوا الفتنة: تشتيت شملك، وتفريق أصحابك. من قبل: قيل: يعني يوم أحد، وقيل: هي وقوفهم على الثنية ليلة العقبة ليفتكوا به. وقلبوا لك الأمور: أي دبروا لك الحيل والمكايد، واحتالوا في ابطال أمرك. حتى جاء الحق: وهو تأييدك ونصرك. وظهر أمر الله: وغلب دينه، وعلا أهله. وهم كارهون: أي على رغم منهم، والآيتان لتسلية الرسول والمؤمنين على تخلفهم، وبيان ما ثبطهم الله لأجله، وهتك أستارهم، وإزاحة اعتذارهم، تداركا لما فات الرسول بالمبادرة إلى الأذن.
(49) ومنهم من يقول ائذن لي: في القعود. ولا تفتني: ولا توقعني في الفتنة، أي العصيان والمخالفة بأن لا تأذن لي فإني إن تخلفت بغير إذنك أثمت، أو في الفتنة بنساء الروم، كما يأتي ذكره. ألا في الفتنة سقطوا: أي إن الفتنة هي التي سقطوا فيها، وهي فتنة التخلف وظهور النفاق. وإن جهنم لمحيطة بالكافرين: أي بهم لأن آثار إحاطتها بهم معهم فكأنهم في وسطها.
القمي: لقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجد بن قيس فقال له: يا أبا وهب ألا تنفر معنا في هذه الغزوة؟ لعلك أن تحتفد من بنات الأصفر، فقال: يا رسول الله والله إن قومي ليعلمون أنه ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء وأخاف إن خرجت معك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتني، وإئذن لي أن أقيم، وقال لجماعة من قومه: لا تخرجوا في الحر، فقال ابنه: ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقول ما تقول، ثم تقول لقومك ولا تنفروا في الحر والله لينزلن الله في هذا قرآنا يقرؤه الناس إلى يوم القيامة، فأنزل الله على رسوله في ذلك: (ومنهم من يقول إئذن لي) الآية، ثم قال الجد
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»
الفهرست