التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٤٣
منه، وكان سبب ذلك أن الصيافة (1) كانوا يقدمون المدينة من الشام معهم الدرموك (2) والطعام وهم الأنباط (3) فأشاعوا بالمدينة أن الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عسكر عظيم وأن هرقل قد سار في جنوده، وجلب معهم غسان (4)، وجذام (5)، وبهراء، وعاملة، وقد قدم عساكره البلقاء، ونزل هو حمص.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بالتهيؤ إلى تبوك، وهي من بلاد البلقاء، وبعث إلى القبائل حوله وإلى مكة وإلى من أسلم من خزاعة ومزينة وجهينة وحثهم على الجهاد، وأمر رسول الله بعسكره فضرب في ثنية الوداع، وأمر أهل الجدة أن يعينوا من لا قوة به، ومن كان عنده شئ أخرجه وحملوا وقووا وحثوا على ذلك، ثم خطب خطبة ورغب الناس في الجهاد، قال: وقدمت القبايل من العرب ممن استنفرهم وقعد عنه قوم من المنافقين وغيرهم.
أقول: وسنذكر بقايا هذه القصة متفرقة عند تفسير الآيات الآتية إلى آخر السورة. أرضيتم بالحياة الدنيا: وغرورها. من الآخرة: بدل الآخرة ونعيمها. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة: في جنب الآخرة. إلا قليل: مستحقر.
(39) إلا تنفروا: إلى ما استنفرتم إليه. يعذبكم عذابا أليما (6) ويستبدل قوما غيركم: خيرا منكم، وأطوع. ولا تضروه شيئا: إذ لا يقدح تثاقلكم في نصرة دينه شيئا فإنه الغني عن كل شئ وعن كل أمر، أو ولا تضروا النبي شيئا لأن الله وعده أن ينصره ويعصمه من الناس، ووعده الله كائن لا محالة. والله على كل شئ قدير: فيقدر على التبديل وتغيير الأسباب والنصرة بلا عدد.

1 - أصناف القوم إذا دخلوا في الصيف وصائفة القوم مسيرتهم في الصيف.
2 - الدرمك كجعفر دقيق الحواري الدقيق الأبيض وهو الباب الدقيق وكل ما حواري بيض من طعام ق.
3 - نبط جبل ينزلون بالبطايح بين العراق ق.
4 - غسان كشداد ماء نزل عليه قوم من الأزد فنسبوا إليه منهم بنو جفنة رهط الملوك أو غسان اسم القبيلة ق.
5 - جذام كغراب قبيلة بجيال صمي من معد ق.
6 - مؤلما في الآخرة وقيل في الدنيا م ن.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست