فأنزل الله: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء (1) وتصدية)، فالمكاء: التصفير، والتصدية:
صفق اليدين، وهذه الآية معطوفة على قوله: (وإذ يمكر بك الذين كفروا) وقد كتبت بعد آيات كثيرة.
فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجاءت قريش ليدخلوا عليه، فقال أبو لهب: لا أدعكم أن تدخلوا عليه بالليل فإن في الدار صبيانا ونساء ولا نأمن أن تقع بهم يد خاطئة فنحرسه الليلة فإذا أصبحنا دخلنا عليه فناموا حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفرش له ففرش له، فقال لعلي بن أبي طالب عليه السلام: أفدني بنفسك؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: نم على فراشي والتحف ببردتي.
فنام علي عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتحف ببردته، وجاء جبرئيل فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخرجه على قريش وهم نيام، وهو يقرء عليهم (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) وقال له جبرئيل: خذ على طريق ثور، وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور، فدخل الغار، وكان من أمره ما كان.
فلما أصبحت قريش وثبوا إلى الحجرة وقصدوا الفراش فوثب علي في وجوههم فقال: ما شأنكم، قالوا له: أين محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: جعلتموني عليه رقيبا؟
ألستم قلتم نخرجه من بلادنا فقد خرج عنكم، فأقبلوا يضربونه، ويقولون أنت تخدعنا منذ الليلة، فتفرقوا في الجبال، وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له: أبو كرز يقفو الآثار، فقالوا: يا أبا كرز اليوم اليوم، فوقف بهم على باب حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هذه قدم محمد صلى الله عليه وآله وسلم والله لأخت القدم التي في المقام.
وكان أبو بكر استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرده معه، فقال أبو