التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٢
من الفتنة لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فإن الله سبحانه يقول: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة).
(29) يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل.
القمي: يعني العلم الذي به تفرقون بين الحق والباطل. ويكفر عنكم سيئاتكم:
ويسترها. ويغفر لكم: بالتجاوز والعفو عنها. والله ذو الفضل العظيم.
(30) وإذ يمكر بك الذين كفروا: واذكر إذ تمكر بك قريش، ذكره ذلك ليشكر نعمة الله عليه في خلاصه. ليثبتوك: بالحبس. أو يقتلوك: بسيوفهم. أو يخرجوك: من مكة.
ويمكرون ويمكر الله: برد مكرهم ومجازاتهم عليه. والله خير الماكرين.
العياشي: عن أحدهما عليهما السلام أن قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس، ثم انطلقوا إلى دار الندوة ليتشاوروا فيما يصنعون برسول الله، فإذا شيخ قائم على الباب وإذا ذهبوا إليه ليدخلوا، قال: أدخلوني معكم، قالوا: ومن أنت يا شيخ؟ قال: أنا شيخ من مضر ولي رأي أشير به عليكم، فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه، فقال: ليس هذا لكم برأي، إن أخرجتموه أجلب عليكم الناس فقاتلوكم، قالوا: صدقت ما هذا برأي، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه، قال: هذا ليس بالرأي إن فعلتم هذا ومحمد رجل حلو اللسان أفسد عليكم أبناءكم وخدمكم وما نفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه وامرأته، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه يخرجون من كل بطن منهم بشاهر فيضربونه بأسيافهم جميعا عند الكعبة، ثم قرأ هذه الآية: (وإذ يمكر بك الذين كفروا).
والقمي: نزلت بمكة قبل الهجرة، وكان سبب نزولها أنه لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدعوة بمكة قدمت عليه الأوس والخزرج فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تمنعوني (1) وتكونون لي جارا، حتى أتلو عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله

١ - وهو في عز ومنعة محركة ويسكن أي معه من يمنعه من عشيرته. وامتنع بقومه تقوى بهم فهو في منعته بفتح النون أي في عز قومه فلا يقدر عليه من يريده قال في المصباح قال الزمخشري هي مصدر مثل الآنفة والعظمة أو جمع مانع وهم العشيرة والحماة ويجوز أن يكون مقصورا من المناعة وقد يسكن في الشعر لا في غيره خلافا لما اجازه مطلقا والمنيع القوي ذو لمنعة.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست