التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ١٥٥
صحفا منشرة). الله أعلم حيث يجعل رسالته: استيناف للرد عليهم بأن النبوة ليست بالنسب والمال، وإنما هي بفضائل نفسانية يخص الله بها من يشاء من عباده فيجتبي لرسالته من علم أنه يصلح لها، وهو أعلم بالمكان الذي فيه يضعها، وقرئ رسالاته.
سيصيب الذين أجرموا صغار: ذل وحقارة بعد كبرهم. عند الله: يوم القيامة، وقيل: من عند الله. وعذاب شديد بما كانوا يمكرون: القمي: أي يعصون الله في السر.
(125) فمن يرد الله أن يهديه: يعرفه الحق ويوفقه للأيمان. يشرح صدره للاسلام: فيتسع له ويفسح فيه مجاله، وهو كناية عن جعل القلب قابلا للحق مهيئا لحلوله فيه، مصفى عما يمنعه وينافيه.
في المجمع: قد وردت الرواية الصحيحة انه لما نزلت هذه الآية سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عن شرح الصدر وما هو؟ قال: نور يقذفه الله تعالى في قلب المؤمن فينشرح له صدره وينفسح، قالوا: فهل لذلك من إمارة يعرف بها؟ فقال: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت.
ومن يرد أن يضله (1) يجعل صدره ضيقا حرجا: بحيث ينبو عن قبول الحق فلا يدخله الأيمان، وقرئ ضيقا بالتخفيف، وحرجا بالكسر أي شديد الضيق.
في المعاني: عن الصادق عليه السلام: في هذه الآية قال: قد يكون ضيقا وله منفذ يسمع منه ويبصر، والحرج: هو الملتأم الذي لا منفذ له، يسمع به ولا يبصر منه.
والعياشي: عنه عليه السلام: إنه قال لموسى بن أسمر أتدري ما الحرج قال: قلت:
لا، فقال بيده وضم أصابعه: كالشئ (2) المصمت الذي لا يدخله فيه شئ، ولا يخرج منه شئ.
كأنما يصعد في السماء: يتصعد، وقرئ بالتخفيف، ويصاعد بمعنى يتصاعد مبالغة في ضيق

1 - لا يجوز أن يكون المراد بالاضلال في الآية الدعاء إلى الضلال ولا الامر به ولا إجبار عليه لاجماع الأمة على أن الله تعالى لا يأمر بالضلال ولا يدعوا إليه فيكف يجبر عليه والدعاء إليه أهون من الاجبار عليه وقد ذم الله فرعون والسامري عن إضلالهما عن دين الهدى في قوله وأضل فرعون قومه وما هدى وقوله فاضلهم السامري ولا خلاف في أن إضلالهما اضلال أمر واجبار ودعاء وقد ذمهما الله تعالى عليه مطلقا فكيف بما ذم عليه غيره.
2 - المصمت الذي لا جوف له.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست