إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى، وقوله: وما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وإنما هو نحيي ونموت لأن الدهرية لم يقروا بالبعث بعد الموت وإنما قالوا: نحيى ونموت فقدموا حرفا على حرف ومثله كثير.
قال: وأما الآيات التي هي في سورة وتمامها في سورة أخرى فقول موسى: أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم فقالوا: يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون، ونصف الآية في سورة البقرة ونصفها في سورة المائدة. وقوله: اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا، فرد الله عليهم وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون، فنصف الآية في سورة الفرقان ونصفها في سورة العنكبوت ومثله كثير انتهى كلامه.
أقول: ويرد على هذا كله إشكال وهو أنه على هذا التقدير لم يبق لنا اعتماد على شئ من القرآن إذ على هذا يحتمل كل آية منه أن يكون محرفا ومغيرا ويكون على خلاف ما أنزل الله فلم يبق لنا في القرآن حجة أصلا فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك، وأيضا قال الله عز وجل: وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقال: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير، وأيضا قد استفاض عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) حديث عرض الخبر المروي على كتاب الله ليعلم صحته بموافقته له وفساده بمخالفته فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرفا فما فائدة العرض مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله.
ويخطر بالبال في دفع هذا الاشكال والعلم عند الله أن يقال: إن صحت هذه الأخبار فلعل التغيير إنما وقع فيما لا يخل بالمقصود كثير إخلال كحذف اسم علي وآل محمد (صلى الله عليهم)، وحذف أسماء المنافقين عليهم لعائن الله فإن الانتفاع بعموم اللفظ باق وكحذف بعض الآيات وكتمانه فان الانتفاع بالباقي