ويرتدد أبحسب النحو مثل ما لا يقبل منها شفاعة بالتاء، والياء وما يسري إلى المعنى ولم يخل بالمقصود مثل الريح والرياح للجنس والجمع فان في أمثال هذه موسع علينا القراءات المعروفة.
وعليه يحمل ما ورد عنهم (عليهم السلام) من اختلاف القراءة في كلمة واحدة وما ورد أيضا في تصويبهم القراءتين جميعا كما يأتي في مواضعه أو يحمل على أنهم لما لم يتمكنوا أن يحملوا الناس على القراءة الصحيحة جوزوا القراءة بغيرها كما أشير إليه بقولهم (عليهم السلام): اقرؤا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم وذلك كما جوزوا قراءة أصل القرآن بما هو عند الناس دون ما هو محفوظ عندهم وعلى التقديرين في سعة منها جميعا، وقد اشتهر بين الفقهاء وجوب التزام عدم الخروج عن القراءات السبع أو العشر المعروفة لتواترها وشذوذ غيرها.
والحق: أن المتواتر من القرآن اليوم ليس إلا القدر المشترك بين القراءات جميعا دون خصوص آحادها إذ المقطوع به ليس إلا ذاك فان المتواتر لا يشتبه بغيره وأما نحن فنجعل الأصل في هذا التفسير أحسن القراءات كانت قراءة من كانت كالأخف على اللسان والأوضح في البيان والآنس للطبع السليم والأبلغ لذي الفهم القويم والأبعد عن التكلف في إفادة المراد والأوفق لأخبار المعصومين. فان تساوت أو أشبهت فقراءة الأكثرين في الأكثر.
ولا نتعرض لغير ذلك إلا ما يتغير به المعنى المراد تغييرا يعتد به أو يحتاج إلى التفسير وذلك لأن التفسير إنما يتعلق بالمعنى دون اللفظ وضبط اللفظ إنما هو للتلاوة فيخص به المصاحف، وأما ما دونوه في علم القراءة وتجويدها من القواعد والمصطلحات فكل ما له مدخل في تبيين الحروف وتمييز بعضها عن بعض لئلا يشتبه أو في حفظ الوقوف بحيث لا يختل المعنى المقصود به أو في صحة الإعراب وجودته لئلا تصير ملحونة أو مستهجنة أو في تحسين الصوت وترجيعه بحيث يلحقها بألحان العرب وأصواتها الحسنة فله وجه وجيه.