التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ١١٩
تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له وتوقيركما إياه وذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة التي معها الحراب يدفعون عنها سائر حيوانات الجنة لا تدفعك عنها إن رمتها فاعلمي بذلك إنه قد أحل لك وابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم (ع) كنت أنت المتسلطة عليه الآمرة الناهية فوقه فقالت حواء: سوف أجرب هذا فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها فأوحى الله إليها إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره فأما من جعلته متمكنا مميزا مختارا فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه فان أطاع استحق ثوابي وإن عصى وخالف أمري استحق عقابي وجزائي فتركوها ولم يتعرضوا لها بعدما هموا بمنعها بحرابهم فظنت أن الله نهاهم عن منعها لأنه قد أحلها بعدما حرمها فقالت صدقت الحية وظنت أن المخاطب لها هي الحية فتناولت منها ولم تنكر من نفسها شيئا فقالت لآدم (عليه السلام) ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا تناولت منها ولم يمنعني املاكها ولم أنكر شيئا من حالي فلذلك اغتر آدم (عليه السلام) وغلط فتناول فأخرجهما مما كانا فيه من النعم وقلنا يا آدم ويا حواء ويا أيتها الحية ويا إبليس اهبطوا بعضكم لبعض عدو فآدم وحواء وولدهما عدو للحية وإبليس، وإبليس والحية وأولادهما أعداؤهم وكان هبوط آدم وحواء والحية من الجنة فان الحية كانت من أحسن دوابها وهبوط إبليس من حواليها فإنه كان يحرم عليه دخول الجنة.
أقول: لعله إنما يحرم عليه دخول الجنة بارزا بحيث يعرف وذلك لأنه قد دخلها مختفيا في فم الحية ليدليهما بغرور كما ورد في حديث آخر وبهذا يرتفع التنافي بين هذا الحديث وبين الحديث الذي مر انها لو كانت من جنان الخلد لم يدخلها إبليس أراد به دخولها وهو في فم الحية فليتدبر.
ولكم في الأرض مستقر منزل ومقر للمعاش ومتاع منفعة إلى حين حين الموت يخرج الله منها زروعكم وثماركم وبها ينزهكم وينعمكم وفيها بالبلايا يمتحنكم يلذذكم بنعيم الدنيا تارة لتذكروا به نعيم الآخرة الخالص مما ينغص نعيم الدنيا ويبطله ويزهد فيه ويصغره ويمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي تكون في خلالها الزحمات وفي تضاعيفها النقمات ليحذركم بذلك عذاب الأبد الذي لا يشوبه عافية،
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 نبذة من حياة المؤلف 2
2 ديباجة الكتاب 7
3 المقدمة الأولى: في نبذة مما جاء في الوصية بالتمسك بالقرآن وفي فضله 15
4 المقدمة الثانية: في نبذة مما جاء في أن علم القرآن كله إنما هو عند أهل البيت (عليهم السلام) 19
5 المقدمة الثالثة: في نبذة مما جاء في أن جل القرآن إنما نزل فيهم وفي أوليائهم وفي أعدائهم وبيان سر ذلك 24
6 المقدمة الرابعة: في نبذة مما جاء في معاني وجوه الآيات وتحقيق القول في المتشابه وتأويله 29
7 المقدمة الخامسة: في نبذة مما جاء في المنع من تفسير القرآن بالرأي والسر فيه 35
8 المقدمة السادسة: في نبذة مما جاء في جمع القرآن وتحريفه وزيادته ونقصه وتأويله ذلك 40
9 المقدمة السابعة: في نبذة مما جاء في أن القرآن تبيان كل شئ وتحقيق معناه 56
10 المقدمة الثامنة: في نبذة مما جاء في أقسام الآيات واشتمالها على البطون والتأويلات وأنواع اللغات والقراءات والمعتبرة منها 59
11 المقدمة التاسعة: في نبذة مما جاء في زمان نزول القرآن وتحقيق ذلك 64
12 المقدمة العاشرة: في نبذة مما جاء في تمثل القرآن لأهله يوم القيامة 67
13 المقدمة الحادية عشرة: في نبذة مما جاء في كيفية التلاوة وآدابها 70
14 المقدمة الثانية عشرة: في بيان ما اصطلحنا عليه في التفسير 75
15 تفسير الاستعاذة 79
16 سورة الفاتحة وهي سبع آيات 80
17 سورة البقرة وهي 286 آية 90
18 سورة آل عمران وهي 200 آية 315
19 سورة النساء وهي 177 آية 413