قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) قال (الوجوه كناية عن الجملة وقدم إلى ربها ليفيد الحصر الخ) قال أحمد: ما أقصر لسانه عند هذه الآية، فكم له يدندن ويطيل في جحد الرؤية ويشقق القباء ويكثر ويتعمق فلما فغرت هذه الآية فاه صنع في مصامتها بالاستدلال، على أنه لو كان المراد الرؤية لما انحصرت بتقديم المفعول لأنها حينئذ غير منحصرة على تقدير رؤية الله تعالى، وما يعلم أن الممتع برؤية جمال وجه الله تعالى لا يصرف عنه طرفه ولا يؤثر عليه غيره ولا يعدل به عز وعلا منظورا سواه، وحقيق له أن يحصر رؤيته إلى من ليس كمثله شئ ونحن نشاهد العاشق في الدنيا إذا أظفرته برؤية محبوبه لم يصرف عنه لحظة ولم يؤثر عليه، فكيف بالمحب لله عز وجل إذا أخطأه النظر إلى وجه الكريم، نسأل الله العظيم أن لا يصرف عنا وجهه وأن يعيذنا من مزالق البدعة ومزلات الشبهة، وهو حسبنا ونعم الوكيل
(١٩٢)