قوله تعالى (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم) الآية.
قال فيه (إن قلت: قد جعل افتتان الكافرين بعدة الزبانية سببا الخ) قال أحمد: ما جعل افتتانهم بالعدة سببا لذلك وإنما العدة نفسها هي التي جعلت سببا، لان المراد وما جعلنا عدتهم إلا تسعة عشر، فوضع فتنة للذين كفروا موضع ذلك لان حال هذه العدة الناقصة واحدا من العشرين أن يفتتن بها من لا يؤمن بالله وبحكمته ولا يذعن وإن خفى عليه وجه الحكمة، كأنه قيل لقد جعلنا عدتهم عدة من شأنها أن يفتتن بها لأجل استيقان المؤمنين وحيرة الكافرين واستيقان أهل الكتاب.
قال أحمد: السائل جعل الفتنة التي هي في تقدير الصفة للعدة، إذ معنى الكلام ذات فتنة سببا فيما بعدها، والمجيب جعل العدة التي عرضت لها هذه الصفة سببا لا باعتبار عروض الصفة لها، ويجوز أن يكون ليستيقن راجعا إلى ما قبل الاستثناء كأنه قيل: جعلنا عدتهم سببا لفتنة الكافرين وسببا ليقين المؤمنين، وهذا الوجه أقرب مما ذكره الزمخشري، وإنما ألجأه إليه اعتقاد أن الله تعالى ما فتنهم ولكنهم فتنوا أنفسهم بناء على قادعة التبعيض في المشيئة