نبيه محمد خاتم النبيين أن يرضى عن أصحابه أجمعين وعنا بهم آمين. عاد كلامه، قال (ومعنى تحبيب الله وتكريهه اللطف والإمداد بالتوفيق الخ) قال أحمد: تلجلج والحق أبلج، وزاغ والسبيل منهج، وقاس الخلق بالواحد الحق، وجعل أفعالهم لهم من إيمان وكفر وخير وشر اغترارا بحال من اعتقد اطراده في الشاهد وهو أن الإنسان لا يمدح بفعل غيره، وقال الغائب على الشاهد تحكما وتغلغل باتباع هوى معجما فجره ذلك بل جرأه على تأويل الآية وإبطال ما ذكرته من نسبة تحبيب الإيمان إلى الله تعالى على حقيقته وجعله مجازا، لأنه يعتقد أنها لو بقيت على ظاهرها لكان خلق الإيمان مضافا إلى الله تعالى، والعبد إذا ممدوح بما ليس من فعله وهذا عنده محال، فاتبع الآية رأيه الفاسد، فإذا عرضت عليه الأدلة العقلية على الوحدانية والنقلية على أنه لا خالق إلا الله خالق كل شئ وطولب بإبقاء الآية على ظاهرها المؤيد بالعقل والنقل، فإنه يتمسك في تأويلها بالحبال المذكورة في التحكم بقياس الغائب على الشاهد مما له إدلاء إلى تعويج كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالذي تعتقده ثبتنا الله على الحق أن الله تعالى منح ومدح وأعطى وأمتن، فلا موجود إلا الله وصفاته وأفعاله، غير أنه تعالى جعل أفعاله بعضها محلا لبعض، فسمى المحل فاعلا والحال فعلا، فهذا هو التوحيد الذي لا محيص عنه للمؤمن ولا محيد، ولا بد أن أطارحه القول فأقول: أخبرني عن ثناء الله على أنبيائه ورسله بما حاصله اصطفاؤه لهم لاختياره إياهم هل بمكتسب أم بغير مكتسب؟ فلا يسعه أن يقول إلا أنه أثنى عليهم بما لم يكسبوه، بل بما وهبه إياهم فاتهبوه، وإن عرج على القسم الآخر وهو دعوى أنهم أثنى عليهم بمكتسب لهم من رسالة أو نبوة فقد خرج عن أهل الملة وانحرف عن أهل القبلة، وهذه النبذة كفاية إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى (أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة) أعرب فضلا في الآية مفعولا من أجله منتصبا عن قوله الراشدون الخ. قال أحمد: أورد الإشكال بعد تقرير أن الرشد ليس من فعل الله تعالى وإنما هو فعلهم حقيقة