الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٥٦٣
أنهم الفاعلون وإن كانت النسبة مجازية باعتبار المعتقد، وإذا تقرر وروده على هذا الوجه فلك في الجواب عنه طريقان: إما جواب الزمخشري، وإما أمكن منه وأبين وهو أن الرشد يستلزم كونه راشدا إذ هو مطاوعه لأن الله تعالى أرشدهم فرشدوا، وحينئذ يتحد الفاعل على طريقة الصناعة المطابقة للحقيقة، وهو عكس قوله - يريكم البرق خوفا وطمعا - فإن الإشكال بعينه وارد فيها، إذ الخوف والطمع فعلهم: أي منسوب إليهم على طريقة أنهم الخائفون الطامعون والفعل الأول لله تعالى لأنه مر بهم ذلك. والجواب عنه أنهم مفعولون في معنى الفاعلين بواسطة استلزام المطاوعة، لأنه إذا أراهم فقد رأوا وقد سلف هذا الجواب مكانه، فصححت الكلام ههنا بتقدير المفعول فاعلا، وعكسه آية الحجرات إذ تصحيح الكلام فيها بتقدير الفاعل مفعولا. وهذا من دقائق العربية فتأمله والله الموفق.
قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) قال فيه (لم قال اقتتلوا عدولا الخ) قال أحمد: قد تقدم في مواضع إنكار النحاة الحمل على لفظ من بعد الحمل على معناها، وفى هذه الآية حمل على المعنى بقوله اقتتلوا ثم على الفظ بقوله بينهما، فلا يعتقد أن المقول في من مطرد في هذا لأن المانع لزوم الإجمال والابهام بعد التفسير وههنا لا يلزم ذلك إذ لا إبهام في الطائفة بل لفظها مفرد أبدا ومعناها جمع أبداء، وكانت كذلك لاختلاف أحوالها من حيث المعنى مرة جمعا ومرة مفردا فتأمله، والله الموفق.
(٥٦٣)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 561 562 563 565 567 568 569 570 » »»