الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٣٦٤
وقت الضحى، وأما شروقها فطلوعها، يقال شرقت الشمس ولما تشرق، ومنه أخذ ابن عباس صلاة الضحى.
قال: ويحتمل أن يكون من أشرق القوم إذا دخلوا في وقت الشروق ويكون المراد وقت صلاة الفجر لانتهائه بشروق الشمس اه‍ كلامه. قلت: الوجه الثاني يفرق بين العشى والإشراق، فإن العشى ظرف بال إشكال، فلو حمل الإشراق على الدخول في وقت الشروق لكان مصدرا مع أن المراد به الظرف لأنه فعل الشمس وصفتها التي تستعمل ظرفا كالطلوع والغروب وشبههما. عاد كلامه. إلى قوله تعالى (يسبحن) قال فيه: إن قلت: لم اختار يسبحن على مسبحات وأيهما وقع كان حالا؟ وأجاب بأن اختيارهما لمعنى وهو الدلالة على حدوث التسبيح شيئا بعد شئ كأن السامع محاضر لها فيسمعها تسبح، ومنه قول الأعشى: * إلى ضوء نار في يفاع تحرق * ولو قال محرقة لم يكن شيئا. قلت: ولهذه النكتة فرق سحنون من أصحابنا بين أنا محرم يوم أفعل كذا بصيغة اسم الفاعل وبين أحرم بصيغة المضارع، فرأى أن المعلق بصيغة اسم الفاعل يكون محرما بوجود صيغة التعليق ولا كذلك المعلق بصيغة الفعل المضارع، فإنه لا يكون محرما حتى يحرم ويقال له أحرم، فكأنه رأى أن صيغة الفعل خصوصية في الدلالة على حدوثه، ولا كذلك اسم الفاعل وإن كان متأخرا، وأصحابنا اختلفوا في معنى قول سحنون في اسم الفاعل يكون محرما يوم يفعل، فمنهم من قال: أراد الفور فينشئ إحراما، ومنهم من قال: يكون محرما في الحال بالتعليق الأول ولا يحدد شيئا، ومذهب مالك التسوية بين صيغتي اسم الفاعل والفعل في هذا المقام، والله أعلم.
وحقق الزمخشري هذا الفرق بين اسم الفاعل والفعل في قوله - والطير محشورة كل له أواب - فقال: لما كان الواقع حشر الطير دفعة واحدة وكان ذلك أدل على القدرة لم يكن لاستعمال الفعل الدال على الحدوث شيئا فشيئا معنى فاستعمل فيه اسم المفعول على خلاف استعمال الفعل في الأول.
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 360 361 362 363 364 366 367 368 369 370 ... » »»