في ذكر النعاج: إنها تمثيل فكان تحاكمهم تمثيل وكلامهم أيضا تمثيل، لأنه أبلغ لما تقدم، وللتنبيه على أن هذا أمر يستحيا من التصريح به وأنه مما يكنى عنه سماجة للإفصاح به وللستر على داود عليه السلام. ووجه التمثيل فيه أن مثلت قصة أرويا برجل له نعجة واحدة ولخليطه تسع وتسعون، فأراد أن يتمها مائة بالنعجة المذكورة. ثم قال:
فإن قلت: طريقة التمثيل إنما تستعمل على جعل الخطاب من الخطابة فإن كان من الخطبة فما وجهه؟ قال: الوجه حينئذ أن تجعل النعجة استعارة للمرأة كما استعاروا لها الشاة في قوله * يا شاة ما قنص لمن حلت له * إلا أن لفظ الخلطاء يأباه، اللهم إلا أن يكون ابتداء مثل من داود عليه السلام. قلت: والفرق بين التمثيل والاستعارة أنه على التمثيل يكون الذي سبق إلى فهم داود عليه السلام أن التحاكم على ظاهره وهو التخاصم في النعاج التي هي البهائم، ثم انتقل بواسطة التنبية إلى فهم أنه تمثيل لحاله، وعلى الاستعارة يكون فهم عنهما التحاكم في النساء المعبر عنهن بالنعاج كناية، ثم استشعر أنه هو المراد بذلك. قال: فإن قلت: لم صح من الملائكة الإخبار عن أنفسهم بما لم يتلبسوا بشئ منه؟ وأجاب بأن ذلك على سبيل التصوير والفرض كما تقول في تصوير المسألة زيد له أربعون شاة وعمر له أربعون خلطاها، فماذا يجب عليهما من الزكاة؟ وتقول أيضا: لي أربعون شاة ولك أربعون ومالك، ولا له من الأربعين أربعة ولا ربعها. فإن قلت: فما وجه قراؤة ابن مسعود ولى نعجة أنثى؟ وأجاب بأنه يقال امرأة