أنه يتناءى عن مقتضى قوله - لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر - تنائيا لا يجمع شمل المعنى باللفظ، فإن الله تعالى نفى أن تكون مدركة فضلا عن أن تكون سابقة، فإذا أثبت ذلك فالجواب المحقق عنه أن المنفى السبقية الموجبة لتراخي النهار عن الليل وتخلل زمن آخر بينهما، وحينئذ يثبت التعاقب وهو مراد الآية. وأما سبق أول المتعاقبين للاخر منهما فإنه غير معتبر، ألا ترى إلى جواب موسى بقوله - هم أولاء على أثرى - فقد قربهم منه عذرا عن قوله تعالى - وما أعجلك عن قومك - فكأنه سهل أمر هذه العجلة بكونهم على أثره، فكيف لو كان متقدما وهم في عقبه لا يتخلل بينهم وبينه مسافة، فذاك لو اتفق لكان سياق الآية يوجب أنه لا يعد عجلة ولا سبقا، فحينئذ يكون القول بسبقية النهار لليل مخالفا صدر الآية على وجه لا يقبل التأويل، فإن بين عدم الادراك الدال على التأخير والتبعية وبين السبق بونا بعيدا ومخالفا أيضا لبقية الآية، فإنه لو كان الليل تابعا ومتأخرا لكان أحرى أن يوصف بعدم الادراك ولا يبلغ به عدم السبق، ويكون القول بتقدم الليل على النهار مطابقا لصدر الآية صريحا ولعجزها بوجه من التأويل مناسب لنظم القرآن وثبوت ضده أقرب إلى الحق من حبل وريده، والله الموفق للصواب من القول وتسديده.
قوله تعالى (وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم) إلى قوله (ومتاعا إلى حين) قلت: من هنا أخذ أبو الطيب: