قوله عز وجل (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) قال (هذا النداء والخطاب ليسا على ظاهرهما، وكيف والرسل إنما أرسلوا متفرقين في أزمنة مختلفة، وإنما المعنى الاعلام بأن كل رسول في زمانه نودي بذلك الخ) قال أحمد: هذه نفحة اعتزالية، فإن مذهب أهل السنة أن الله تعالى متكلم آمر ناه أزلا، ولا يشترط في تحقق الامر وجود المخاطب، فعلى هذا قوله - كلوا من الطيبات واعملوا صالحا - على ظاهره، وحقيقته عند أهل الحق، وهو ثابت أزلا على تقدير وجود المخاطبين لا يزال متفرقين كما في هذا الخطاب أو مجتمعين كما في زعمه، والمعتزلة لما أبت اعتقاد قدم الكلام زلت بهم القدم حتى حملوا هذه الآية وأمثالها على المجاز وخلاف الظاهر، وما بال الزمخشري خص هذه الآية بأنها على خلاف الظاهر، ومعتقده يوجب حمل مثل قوله تعالى - أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة - وجميع الأوامر العامة في الأمة على خلاف الظاهر.
(٣٤)