قوله تعالى (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) قال (ذكر تعالى الأصناف التي بها قوام الإنسان الخ) قال أحمد: تنبيه حسن: وفى الآية سر بديع مع البلاغة يسمى قطع النظير عن النظير، وذلك أن قطع الظمأ من الجوع والضحو عن الكسوة مع ما بينهما من التناسب، والغرض من ذلك تحقيق تعداد هذه النعم وتصنيفها، ولو قرن كلا بشكله لتوهم المعدودات نعمة واحدة، وقد رمق أهل البلاغة سماه هذا المعنى قديما وحديثا فقال الكندي الأول:
كأني لم أركب جوادا للذة * ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال ولم أرشف الزق الروى ولم أقل * لخيلي كرى كرة بعد إجفال فقطع ركوب الجواد عن قوله لخيلي كرى كرة، وقطع تباطن الكاعب عن ترشف الكاس مع التناسب، وغرضه أن يعدد ملاذه ومفاخره ويكثرها، وتبعه الكندي الآخر فقال:
وقفت وما في الموت شك لواقف * كأنك في جفن الردى وهو نائم تمر بك الأبطال كلمى هزيمة * ووجهك وضاح وثغرك باسم فاعترضه سيف الدولة بأنه ليس فيه قطع الشئ عن نظيره، ولكنه على فطنته قصر فهمه عما طالت إليه يد