الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ١٩٣
قوله تعالى (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين) قال (إن قلت: كيف جاز أن يوقع الله في نفوسهم كراهة الخروج للغزو الخ) قال أحمد: وهذا الفصل من كلامه مبنى على قاعدتين فاسدتين: إيجاب مراعاة المصالح على الله تعالى. والتحسين والتقبيح، وقد تكرر بطلان ذلك فاحذره. واعلم أن معتقد أهل السنة أن الله تعالى ألقى كراهة الخروج في قلوبهم لأنه أراد شقاوتهم، وانضاف إلى ذلك إرادة راحة المخلصين من مرافقتهم، إذ الأمر ليس شرطا في نفوذ المشيئة، والله الموفق عاد كلامه قال (فإن قلت: فما معنى قوله مع القاعدين الخ) قال أحمد: وهذا من تنبيهاته الحسنة ونزيده بسطا فنقول: لو قيل اقعدوا مقتصرا عليه لم يفد سوى أمرهم بالقعود وكذلك كونوا مع القاعدين، ولا تحصل هذه الفائدة من إلحاقهم بهؤلاء الأصناف الموصوفين عند الناس بالتخلف والتقاعد الموسومين بهذه السمة إلا من عبارة الآية، ولعن الله فرعون لقد بالغ في توعد موسى عليه السلام بقوله - لأجعلنك من المسجونين - ولم يقل لأجعلنك مسجونا لمثل هذه النكتة من المبالغة.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 186 187 190 192 193 197 198 202 204 205 ... » »»