الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٨٥
قوله تعالى (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون) قال محمود (معناه: لن يأنف ولن يذهب بنفسه عزة الخ) قال أحمد: وقد كثر الاختلاف في تفضيل الأنبياء على الملائكة: فذهب جمهور الأشعرية إلى تفضيل الأنبياء، وذهب القاضي أبو بكر منا والحليمي وجماعة المعتزلة إلى تفضيل الملائكة. واتخذ المعتزلة هذه الآية عمدتهم في تفضيل الملائكة من حيث الوجه الذي استدل به الزمخشري. ونحن بعون الله نشبع القول في المسألة من حيث الآية فنقول: أورد الأشعرية على الاستدلال بها أسئلة أحدها أن سيدنا محمدا عليه أفضل الصلاة والسلام أفضل من عيسى عليه الصلاة والسلام، فلا يلزم من كون الملائكة أفضل من المسيح أن تكون أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا السؤال إنما يتوجه إذ لم يدع مورده أن كل واحد من آحاد الأنبياء أفضل من كل واحد من آحاد الملائكة وبين طائفتنا في هذا الطرف خلاف. السؤال الثاني أن قوله: ولا الملائكة المقربون صيغة جمع تتناول مجموع الملائكة، فهذا يقتضي كون مجموع الملائكة أفضل من المسيح، ولا يلزم أن يكون
(٥٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 580 581 582 583 584 585 588 589 590 591 594 ... » »»