قوله تعالى (يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) قال: لانهم إنما يصلون رياء ما دام من يرقبهم فإذا خلوا بأنفسهم لم يصلوا أو لا يذكرون الله بالتهليل والتسبيح إلا ذكرا قليلا في الندرة، وهكذا ترى كثيرا من المتظاهرين بالاسلام ولو صحبته الأيام والليالي لم تسمع منه تهليلة ولا تحميدة، ولكن حديث الدنيا يستغرق به أوقاته لا يفتر عنه، ولا يجوز أن يراد بالقلة العدم انتهى كلامه. قلت: وإنما منع من أن يراد بها العدم لأنه خبر فيجب صدقه، وقد كانوا يذكرون الله في بعض الأحيان فلا يمكن أن يسلب ذكر الله مطلقا، وإذا بنينا على أن المراد بالذكر الصلاة وهو الظاهر فالمراد أيضا الصلاة المعتبرة التي يذكر بها الانسان حق الله عليه فينتهي عن الفحشاء والمنكر، والصلاة في هذا الوجه مسلوبة عن المنافقين مطلقا، فيجوز إذا حمل القلة على العدم بهذا التفسير، والله أعلم.
(٥٧٤)