الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٥٧٨
لك - فصدروا كلامهم بالجحد والنفي. وأما دعاء الزمخشري على أهل السنة بالتب والصواعق فالله أعلم أي الفريقين أحق بها، ويكفيه هذه الغفلة التي تنادي عليه باتباع الهوى الذي يعمي ويصم، نسأل الله العصمة من الضلال والغواية.
قوله تعالى (فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) قال (إن قلت: بم تعلقت الباء في قوله فبما نقضهم ميثاقهم) قلت: إما أن تتعلق بمحذوف كأنه قيل فبما نقضهم ميثاقهم فعلنا بهم ما فعلنا وإما أن تتعلق بقوله حرمنا عليهم، على أن قوله فبظلم من الذين هادوا بدل من قوله فبما نقضهم انتهى كلامه. قلت: ولذكر البدل المذكور سر، وهو أن الكلام لما طال بعد قوله فبما نقضهم حتى بعد عن متعلقه الذي هو حرمنا قوى ذكره بقوله فبظلم من الذين هادوا حتى يلي متعلقه، وجاء النظم به على وجه من الاقتصار في إجمال ما سبق تفصيله، لان جميع ما تقدم من النقض والقتل وقولهم قلوبنا غلف وكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ودعواهم قتل المسيح ابن مريم قد انطوى عليه الاجمال المذكور آخرا انطواء جامعا مع التسجيل على أن جميع أفاعيلهم الصادرة منهم ظلم، وقد تقدم لهذا التقرير نظائر والله الموفق. عاد كلامه قال (إن قلت: هلا زعمت أن المحذوف الذي تعلقت به الباء ما دل عليه قوله بل طبع الله عليها فيكون التقدير فبما نقضهم ميثاقهم طبع الله على قلوبهم) قلت: لم يصح هذا التقدير لان قوله بل طبع الله عليها بكفرهم رد وإنكار لقولهم قلوبنا غلف فكان متعلقا به، وذلك أنهم أرادوا بقولهم قلوبنا غلف أن الله خلقها غلفا: أي في أكنة لا يتوصل إليها شئ من الذكر والموعظة، كما حكى الله عن المشركين وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم، وكمذهب المجبرة أخزاهم الله فقيل لهم بل خذلها الله ومنعها الألطاف بسبب كفرهم فصارت كالمطبوع عليها انتهى كلامه. قال أحمد: هؤلاء قوم زعموا أن لهم على الله حجة بكونه خلق قلوبهم غير قابلة
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»