الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٣٣٢
لكان في ذلك تضييق على الولي، والآية مشعرة بالتخفيف والسعة. وتحتمل الآية وجها اخر وهو عود الضميرين جميعا إلى الولي، وقالوا على هذا الوجه يكون العفو إعطاء البدل كأنه قال: فمن أعطى شيئا من أخيه: أي بدلا من أخيه، ويكون من مثلهما في قوله تعالى - ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون - ونظيره في استعمال العفو في العطاء عندي قوله تعالى - إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح - إذا حمل الذي بيده العقدة على الزوج وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه، ويقول أصحابه عفوه على أحد وجهين: إما من استرجاع النصف الواجب إن كان قد سلم جميع المهر، وإما على دفع النصف الآخر الذي سقط عنه إن كان لم يسلمه، فيكون العفو على هذا مستعملا في الاعطاء، ويقوى هذا الوجه في أنه لا قصاص (قوله تعالى - فاتباع بالمعروف) - لان المخاطب بالاتباع بالمعروف إنما هو الولي، فإذا جعلنا الضميرين له انساق الكلام سياقة واحدة إلى جهة واحدة وصار المعنى: فمن أعطى من الأولياء بدلا من أخيه فليتبع بالمعروف في طلب ما أعطى، ولما خالفه الولي عن التقاضي خاطب القاتل بحسن الأداء فينتظم الكلام موجها إلى جهة واحدة، وأما على الوجه الذي قرره الزمخشري فالضميران جميعا راجعان إلى القاتل وتقدير الكلام فمن عفى له من القاتلين عن جنايته شئ من العفو فليتبع الولي هذا القاتل المعفو عنه بالمعروف، فيكون المخاطب أول الآية القاتل واخرها الولي، بخلاف الوجه الذي قررته والله أعلم، وكلا الوجهين حسن جيد.
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 330 331 332 333 336 337 338 340 ... » »»