خصائص الوحي المبين - الحافظ ابن البطريق - الصفحة ١٢٣
ادنوا بسم الله فدنا القوم عشرة عشرة، فأكلوا حتى صدروا (1) ثم دعا بقعب (2) من لبن فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: اشربوا بسم الله، فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب فقال: حبذا (3) ما سحركم به الرجل، فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ فلم يتكلم.
ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب، ثم أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير بما لم (4) يجئ به أحد، جئتكم بالدنيا والآخرة، فاسلموا وأطيعوني تهتدوا، ومن يؤاخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي من بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟
فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي عليه السلام:
أنا، فقال: أنت.
فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك " (5).
قال يحيى بن الحسن: اعلم أن هذا الفصل قد جمع الأصلين الموجبين لولاء الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهما: الوصية، والخلافة، والوصي أحق بمقام الوصي عقلا وشرعا.
والخليفة أحق بمقام مستخلفه عقلا وشرعا.
وهذا بيان لا يدفع إلا بالعناد لما اجتمعت الرتبتان العليتان الموجبتان لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه ولاء الأمة بدليل الوحي العزيز

١ - صدر الرجل - على المجهول -: شكا صدره - أقرب الموارد.
٢ - القعب: الاناء الذي يشرب فيه.
٣ - وفي تاريخ الطبري: لهد وفي هاشمه: لهد: كلمة يتعجب بها.
٤ - صححناه على ما في كتاب " العمدة ".
٥ - يراجع شواهد التنزيل ١ / 420 دلائل النبوة / 545 مع اختلاف خصائص النسائي / 83 مع اختلاف.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست