ادنوا بسم الله فدنا القوم عشرة عشرة، فأكلوا حتى صدروا (1) ثم دعا بقعب (2) من لبن فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: اشربوا بسم الله، فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب فقال: حبذا (3) ما سحركم به الرجل، فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ فلم يتكلم.
ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب، ثم أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير بما لم (4) يجئ به أحد، جئتكم بالدنيا والآخرة، فاسلموا وأطيعوني تهتدوا، ومن يؤاخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي من بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟
فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي عليه السلام:
أنا، فقال: أنت.
فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك " (5).
قال يحيى بن الحسن: اعلم أن هذا الفصل قد جمع الأصلين الموجبين لولاء الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهما: الوصية، والخلافة، والوصي أحق بمقام الوصي عقلا وشرعا.
والخليفة أحق بمقام مستخلفه عقلا وشرعا.
وهذا بيان لا يدفع إلا بالعناد لما اجتمعت الرتبتان العليتان الموجبتان لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليه ولاء الأمة بدليل الوحي العزيز