تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨١
مجلبب من سواد الليل جلبابا (1) ومعنى (يدنين عليهن من جلبيبهن): يرخينها عليهن ويغطين بها وجوههن وأعطافهن، يقال إذا زل الثوب عن وجه المرأة: أدني ثوبك على وجهك. وذلك أن النساء كن في أول الإسلام على عادتهن في الجاهلية مبتذلات يبرزن في درع وخمار، لا فرق بين الحرة والأمة، وكان أهل الشطارة والريبة يتعرضون للإماء، فربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة. فأمرن أن يخالفن بزيهن من زي الإماء لئلا يطمع فيهن طامع، وذلك قوله: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) أي: أقرب إلى أن لا يتعرض لهن ولا يلقين ما يكرهن. و (من) في: (جلبيبهن) للتبعيض، بمعنى:
تجلببن ببعض جلابيبهن أو يرخين بعض جلبابهن على الوجه (وكان الله غفورا رحيما) لما سلف منهن في ذلك.
(والذين في قلوبهم مرض) أي: ضعف في الإيمان، وقيل: هم الزناة وأهل الفجور (2)، من قوله: (فيطمع الذي في قلبه مرض) (3)، (والمرجفون في المدينة) بالأخبار المضعفة لقلوب المسلمين عن سرايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقولون:
هزموا وقتلوا، وأصله من الرجفة، وهي الزلزلة لكونه خبرا متزلزلا غير ثابت، والمعنى: لئن لم ينته المنافقون عن عدواتهم وكيدهم، والفسقة عن إيذاء النساء، والمرجفون عما يؤلفونه (4) من أخبار السوء، لنأمرنك بأن تفعل بهم ما يسوؤهم وينوؤهم ويضطرهم إلى طلب الجلاء عن المدينة، ثم لا يساكنونك في المدينة

(١) وصدره: أهلا بضيف أني ما استفتح البابا والبيت منسوب لأبي زبيد، وفيه مبالغة في التمدح بإكرام الضيف وقريه. أنظر شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 192.
(2) قاله عكرمة وقتادة وأبو صالح. راجع تفسير الطبري: ج 10 ص 333.
(3) الآية: 32.
(4) في نسخة: يقولونه.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 87 ... » »»