تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٧
(أن يؤذن لكم) في معنى الظرف، تقديره: إلا وقت أن يؤذن لكم (غير نظرين) حال من (لا تدخلوا) وقع الاستثناء على الوقت والحال معا، كأنه قال:
لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الإذن، ولا تدخلوها إلا غير ناظرين. وهؤلاء قوم كانوا يتحينون أي: يتعرضون طعام رسول الله فيدخلون ويقعدون منتظرين لإدراكه، والمعنى: لا تدخلوا يا هؤلاء المتحينون للطعام إلا أن يؤذن لكم إلى طعام. وإلا فلو لم يكن لهؤلاء خصوصا لما جاز لأحد أن يدخل بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن يؤذن له إذنا خاصا إلى طعام فحسب. و (إناه) إدراكه ونضجه، يقال: أنى الطعام إنى، وقيل: إناه: وقته (1)، أي: غير ناظرين وقت الطعام وساعة أكله.
وروي: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أولم على زينب بتمر وسويق وذبح شاة فأمر أنسا أن يدعو أصحابه، فترادفوا أفواجا، يأكل فوج فيخرج، ثم يدخل فوج، إلى أن قال: يا نبي الله قد دعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه، فقال: ارفعوا طعامكم وتفرق الناس وبقى ثلاثة نفر يتحدثون فأطالوا، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليخرجوا، فطاف بالحجرات ورجع فإذا الثلاثة جلوس مكانهم، وكان صلوات الله عليه شديد الحياء فتولى، فلما رأوه متوليا خرجوا، فرجع ونزلت الآية (2).
(مستأنسين) مجرور عطف على: (نظرين)، أو منصوب على: ولا تدخلوها (مستأنسين) أي: يستأنس بعضكم ببعض لأجل حديث يحدثه به، أو: مستأنسين حديث أهل البيت، واستئناسه: تسمعه وتوجسه. ولا بد في قوله:
(فيستحىى منكم) من تقدير مضاف، أي: من إخراجكم، بدليل قوله: (والله لا يستحىى من الحق) ومعناه: أن إخراجكم حق ما ينبغي أن يستحيي منه،

(1) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 554.
(2) رواه الطبري في تفسيره: ج 10 ص 323 باسناده عن أنس بن مالك.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»