تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨١٩
" فمن كان منكم يريد أن يقوم من الشهر شيئا فليقم ليلة ثلاث وعشرين " (١).
وسأل عمر بن الخطاب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ليلة القدر فأكثروا القول فيه، فقال ابن عباس: رأيت الله أكثر ذكر السبع في القرآن، وعدد ذلك، ثم قال: فما أراها إلا ليلة ثلاث وعشرين لسبع بقين، فقال عمر: عجزتم أن تأتوا بما جاء به هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه، وقال له: وافق رأيي رأيك (٢).
وسئل الصادق (عليه السلام) فقال: هي ليلة إحدى وعشرين، أو ليلة ثلاث وعشرين، فقال السائل: فإن لم أقو على كلتيهما؟ فقال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب، فقال: ربما ما رأينا الهلال وجاءنا من يخبرنا بخلافه في أرض أخرى؟ فقال: " ما أيسر أربع ليال فيما تطلب (٣).
وقيل: إنها ليلة سبع وعشرين، وروي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وأبي بن كعب (٤).
والفائدة في إخفاء هذه الليلة أن يجتهد الناس في العبادة، ويحيوا الليالي الكثيرة طمعا في إدراكها، كما أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس، واسمه الأعظم في الأسماء، وساعة الإجابة في ساعات الجمعة.
ومعنى ليلة القدر: ليلة تقدير الأمور وقضائها، من قوله: ﴿فيها يفرق كل أمر حكيم﴾ (5)، أو: ليلة الشرف والخطر وعظم المقدار على سائر الليالي. (ومآ

(١) رواه عبد الرزاق في المصنف: ج ٤ ص ٢٤٩ ح ٧٦٨٨ باختلاف في اللفظ.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: ج ٤ ص ٣١٣ عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس، ومن طريق آخر عن عكرمة عنه.
(٣) رواه الصدوق في الفقيه: ج ٢ ص ١٥٩ صدر ح ٢٠٢٩ عن علي بن أبي حمزة.
(٤) أنظر تفسير الماوردي: ج ٦ ص ٣١٢.
(٥) الدخان: ٤.
(٨١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 813 814 815 817 818 819 820 821 822 823 825 ... » »»