تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٤١
وقيل للفضيل بن عياض: إن أقامك الله يوم القيامة وقال: (ما غرك بربك الكريم) فماذا تقول؟ قال: أقول: غرتني ستورك المرخاة (1). وعن يحيى بن معاذ: أقول: غرني بك برك بي سالفا وآنفا (2). وعن غيره (3): أنه سبحانه إنما ذكر (الكريم) من بين سائر أسمائه لأنه كأنه لقنه الإجابة حتى يقول: غرني كرم الكريم.
كما يروى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه صاح بغلام له مرات فلم يلبه، فنظر فإذا هو بالباب فقال له: ما لك لم تجبني؟ فقال: لثقتي بحلمك، وأمني من عقوبتك، فاستحسن جوابه وأعتقه (4).
(فسواك) فجعلك سويا سالم الأعضاء " فعدلك " (5) فصيرك معتدلا متناسب الخلق، وقرئ: (فعدلك) بالتخفيف، وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون بمعنى المشدد، أي: عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت، والآخر: فصرفك عن خلقة غيرك وخلقك خلقة حسنة، يقال: عدله عن الطريق أي: صرفه. " ما " في (ما شآء) مزيدة، أي: (ركبك) في أي صورة اقتضتها مشيئته وحكمته من الصور المختلفة في الحسن والقبح، والطول والقصر، والشبه ببعض الأقارب وخلاف الشبه، وهذه الجملة بيان ل‍ " عدلك ". وتعلق الجار والمجرور ب‍ (ركبك) على معنى: وضعك في بعض الصور، ويجوز أن يتعلق ب‍ (عدلك)

(1) حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 4 ص 455.
(2) المصدر السابق.
(3) نسبه البغوي في تفسيره: ص 456 إلى بعض أهل الإشارة، وفي الكشاف: ج 4 ص 715 إلى الحشوية.
(4) رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 715.
(5) الظاهر أن المصنف قد اعتمد هنا - تبعا للكشاف - على قراءة التشديد، وهي قراءة الجمهور غير الكوفيين راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 674.
(٧٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 736 737 738 739 740 741 742 743 744 745 746 ... » »»