تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧١
والتسبيح والتكبير، وأكثروا ذلك.
وعن الصادق (عليه السلام): " من سبح تسبيح فاطمة (عليها السلام) فقد ذكر الله ذكرا كثيرا " (1).
وعنهم (عليهم السلام): " من قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثين مرة فقد ذكر الله ذكرا كثيرا " (2).
(وسبحوه) التسبيح من جملة الذكر، واختصه من بين أنواعه اختصاص جبرئيل وميكائيل من بين الملائكة، ليبين فضله على سائر الأذكار، لأن معناه:
تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات والأفعال، ويجوز أن يريد بالذكر وإكثاره تكثير الطاعات، فإن كل طاعة من جملة الذكر. ثم خص من ذلك التسبيح (بكرة وأصيلا) وهو الصلاة في جميع أوقاتها؛ لفضل الصلاة على غيرها، أو:
صلاة الفجر والعشاءين لأن أداءها أشق، ومراعاتها أشد.
ولما كان من شأن المصلي أن ينعطف وينحني في ركوعه وسجوده استعير لمن انعطف على غيره حنوا عليه، واستعمل في الرحمة والترؤف، ومنه قولهم: " صلى الله عليه وآله وسلم " أي: ترحم عليه وترأف. وأما صلاة الملائكة فهي قولهم:
" اللهم صل على المؤمنين " جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة. ونظيره قولهم: " حياك الله " أي: أحياك وأبقاك، و " حييته " أي: دعوت له بأن يحييه الله ويبقيه، لأنه لاتكاله على إجابة دعوته كأنه يبقيه على الحقيقة، وعليه قوله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين ءامنوا صلوا عليه) (3) أي: ادعوا الله بأن يصلي عليه. والمعنى: هو الذي يترحم عليكم ويترأف حيث يأمركم بإكثار الخير والتوفر على الطاعة ليخرجكم من ظلمات

(١) الكافي: ج ٢ ص ٥٠٠ ح 4.
(2) قرب الإسناد: ص 79.
(3) الآية: 56.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»