ثم تزوجها (1) وقيل: إن الذي أخفاه هو الله سبحانه أعلمه أنها ستكون من أزواجه وأن زيدا سيطلقها (2) فأبدى سبحانه ما أخفاه في نفسه بقوله: (زوجنكها)، ولم يرد سبحانه بقوله: (والله أحق أن تخشه) خشية التقوى؛ لأنه صلوات الله عليه كان يتقي الله حق تقاته ويخشاه فيما يجب أن يخشاه فيه. ولكن المراد خشيته الاستحياء، لأن الحياء من الشيمة الكريمة، وقد يستحي الإنسان ويتحفظ من شيء هو في نفسه مباح حلال عند الله، لئلا يطلق الجهال الذين لا يعرفون حقائق الأمور ألسنتهم فيه، ألا ترى أنهم إذا طعموا في بيوته كانوا يستأنسون بالحديث ولا يريمون (3)، فكان يؤذيه قعودهم، ويصده الحياء أن يأمرهم بالانتشار حتى نزلت: (إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم) (4) فأخبر الله سبحانه الناس بما كان يضمره الرسول صلوات الله عليه وآله وعاتبه عليه، وكأنه سبحانه أراد منه أن يقول لزيد: أنت أعلم بشأنك، أو يصمت عند قوله: أريد مفارقتها ليكون ظاهره مطابقا لباطنه.
كما جاء في حديث إرادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قتل عبد الله بن سعد بن أبي سرح وقد كان أهدر دمه قبل ذلك، واعترض عثمان له بالشفاعة: أن عباد بن بشير قال له: يا رسول الله، كان عيني إلى عينك انتظار أن تومئ إلي فأقتله، فقال (عليه السلام): " إن الأنبياء لا تكون لهم خائنة الأعين " فلم يستجز الإشارة بقتل كافر وإن كان مباحا.
والواو في (وتخفى في نفسك)، (وتخشى الناس)، (والله أحق أن