تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٤
سبية مالكها ومما غنمه الله من دار الحرب كانت أحل وأطيب مما يشترى، وذلك قوله: (مما أفآء الله عليك)، وكذلك النساء (التي هاجرن) مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قرابته غير المحارم أفضل من غير المهاجرات معه، وأحللنا لك (امرأة) مصدقة بتوحيد الله (إن وهبت نفسها) لك بغير صداق إن آثر النبي نكاحها ورغب فيها (خالصة لك) أي: خاصة لك (من دون المؤمنين) أي: لا يحل لغيرك وهو لك حلال.
شرط سبحانه في الإحلال هبتها نفسها، وفي الهبة إرادة استنكاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو أن يطلب نكاحها ويرغب فيه، فكأنه قال: أحللناها لك إن وهبت لك نفسها وأنت تريد أن تستنكحها، لأن إرادته هي قبول الهبة، وعدل عن الخطاب إلى الغيبة للإيذان بأنه مما خص به، ومجيئه على لفظ " النبي " للدلالة على أن هذا الاختصاص تكرمة له لأجل النبوة، وتكريره تقرير لاستحقاقه الكرامة لنبوته.
(خالصة) مصدر مؤكد، مثل: وعد الله، وصبغة الله، أي: خلص لك إحلال ما أحللناك خالصة، بمعنى خلوصا (قد علمنا) ما فرضنا على المؤمنين في أزواجهم وإمائهم وعلى أي حد وصفة يجب أن يفرض عليهم، وآثرناك بالاختصاص بما خصصناك به (لكيلا يكون عليك حرج) أي: ضيق في دينك ودنياك (وكان الله غفورا) لذنوب عباده (رحيما) بالتوسعة عليهم.
(ترجى من تشآء منهن وتئوى إليك من تشآء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بمآ ءاتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما (51) لا يحل لك النسآء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»