تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٨٥
المساق) (١) ﴿إلى الله المصير﴾ (٢) ﴿عليه توكلت وإليه أنيب﴾ (3) كيف دل التقديم فيها وفي أمثالها على معنى الاختصاص. ومعلوم أنهم ينظرون في المحشر إلى أشياء كثيرة لا يحيط بها الحصر، فاختصاصه بنظرهم إليه لو كان سبحانه منظورا إليه محال، فلابد من حمله على معنى يصح فيه الاختصاص، وذلك أن يكون من باب قولهم: أنا إليك ناظر ما تصنع به، يريدون معنى الرجاء والتوقع، ومنه قول جميل (4):
وإذا نظرت إليك من ملك * والبحر دونك زدتني نعما (5) وقول الآخر:
إني إليك لما وعدت لناظر * نظر الفقير إلى الغني الموسر (6) وعلى هذا فيكون معناه: أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم كما كانوا في الدنيا، كذلك لا يخافون ولا يرجون إلا إياه، وقيل: إن (إلى) اسم، وهو واحد " الآلاء " التي هي النعم (7)، وهو منصوب الموضع، أي: نعمة ربها منتظرة، وقيل: هو على حذف المضاف، والمراد: إلى ثواب ربها ناظرة (8).

(١) الآية: ٣٠.
(٢) آل عمران: ٢٨، النور: ٤٢، فاطر: ١٨.
(٣) هود: ٨٨، الشورى: ١٠.
(٤) كذا في النسخ، والصحيح هو من قول طريح بن إسماعيل الثقفي شاعر البلاط الأموي، الذي أكثر من مدح الوليد بن يزيد الأموي. ولعله من شطحات النساخ.
(٥) يقول: وإذا رجوت مكارمك زدتني نعما، فالنظر إليه كناية عن ذلك. وقوله: البحر دونك اي: أقل منك في الخيرات والمكارم. راجع شرح شواهد الكشاف: ص ٥٠٨.
(٦) لجميل بن معمر المشهور بجميل بثينة، والبيت من قصيدة له معاتبا إياها على تخلفها وعدها له.
انظر ديوان جميل بثينة: ص ٤٠، وفيه: " المكثر " بدل " الموسر ".
(٧) قاله بعض المعتزلة. راجع مشكل اعراب القرآن للقيسي: ص 779.
(8) حكاه ابن عطية عن بعض المعتزلة. راجع البحر المحيط لأبي حيان: ج 8 ص 389.
(٦٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 680 681 682 683 684 685 686 687 689 690 691 ... » »»