تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٢٤
" ومن قبله " (1) يريد: ومن عنده من حشمه وأتباعه، وقرئ: (ومن قبله) أي: ومن تقدمه (والمؤتفكت) المنقلبات بأهلها، وهي قرى قوم لوط (بالخاطئة) بالخطيئة العظيمة التي هي الشرك والفاحشة، أو: بالأفعال أو الفعلة ذات الخطأ الكبير (فأخذهم) ربهم (أخذة رابية) شديدة زائدة في الشدة، كما زادت قبائحهم في القبح، يقال: ربا يربو إذا زاد. (حملنكم) حملنا آباءكم (في الجارية) في سفينة نوح، لأنهم إذا كانوا من نسل المحمولين الناجين كان حمل آبائهم منة عليهم؛ لأن نجاتهم سبب ولادتهم.
(لنجعلها) الضمير للفعلة وهي نجاة المؤمنين وإغراق الكافرين (تذكرة) عبرة وموعظة (وتعيهآ) أي: تحفظها (أذن وعية) شأنها أن تعي وتحفظ ما سمعت به، ولا تضيعه بترك العمل به، وكل ما حفظته في نفسك فقد وعيته، وما حفظته في غير نفسك فقد أوعيته، كما يوعى الشيء في الظرف.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي (عليه السلام) عند نزول هذه الآية: سألت الله عز اسمه أن يجعلها أذنك يا علي، قال: فما نسيت شيئا بعد، وما كان لي أن أنسى (2).
وإنما نكر (أذن) ووحد ليؤذن بقلة الوعاة ويوبخ الناس بذلك، وليدل على

(١) الظاهر أن المصنف رحمه الله قد اعتمد هنا على قراءة كسر القاف وفتح الباء تبعا للكشاف، وهي قراءة أبي عمرو والكسائي وعاصم برواية أبان. راجع كتاب السبعة في القراءات:
ص ٦٤٨.
(٢) قد تواترت هذه الرواية عن العامة والخاصة إلى حدد الاستفاضة وعلى سبيل المثال لا الحصر راجع: شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ج ٢ ص ٣٦١ ح ١٠٠٧ وما بعده من طرق عدة، وابن المغازلي الشافعي في المناقب: ص 318 ح 363، والحمويني في فرائد السمطين:
ج 1 ص 198، والعاصمي في كتابه زين الفتى: ص 605، وابن جرير الطبري في تفسيره: ج 12 ص 213، والسيوطي في الدر المنثور: ج 8 ص 267 وعزاه إلى ابن جرير وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٦٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 629 ... » »»