تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٦٢٥
أن الأذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله فهي السواد الأعظم عند الله، ولا مبالاة بما سواها وإن ملأوا ما بين الخافقين. وقرئ: " وتعيها " بسكون العين (١) للتخفيف، وشبه " تعي " بكبد.
(فإذا نفخ) أسند إلى (نفخة) وذكر للفصل، وهي النفخة الأولى، وقيل: هي الأخيرة (٢)، ووصفت النفخة بواحدة وهي لا تكون إلا مرة؛ تأكيدا، كقوله: ﴿إلهين اثنين﴾ (3)، وقالوا: أمس الدابر. (وحملت الأرض والجبال) رفعت عن أماكنها بريح بلغت من قوة عصفها أنها تحملها، أو: بخلق من الملائكة، أو: بقدرة الله من غير سبب (فدكتا) أي: فدكت الجملتان: جملة الأرضين وجملة الجبال، فضرب بعضها ببعض حتى تندك وتندق وترجع كثيبا مهيلا وهباء منبثا، والدك أبلغ من الدق، وقيل: فبسطتا بسطة واحدة فصارتا أرضا مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا (4) من قولهم: بعير أدك: إذا تفرق سنامه، وناقة دكاء.
(فيومئذ) فحينئذ (وقعت الواقعة) نزلت النازلة وهي القيامة (وانشقت السمآء) انفرجت (فهى يومئذ واهية) مسترخية ساقطة القوة بانتقاض بنيتها بعد أن كانت مستمسكة محكمة. (والملك) أي: والخلق الذي يقال له الملك، ولذلك رد الضمير مجموعا في قوله: (فوقهم) على المعنى، وهو أعم من الملائكة (على أرجآئها) أي: جوانبها، الواحد " رجا " مقصور، يعني: أن السماء تنشق وهي مسكن الملائكة فينضوون إلى أطرافها وحافاتها (ويحمل عرش ربك...

(١) قرأه ابن كثير برواية الحلواني وقنبل برواية أبي ربيعة. راجع كتاب السبعة في القراءات:
ص ٦٤٨.
(٢) قاله ابن عباس وسعيد بن المسيب ومقاتل. راجع البحر المحيط: ج ٨ ص ٣٢٢.
(٣) النحل: ٥١.
(٤) قاله الرماني. راجع التبيان: ج ٤ ص ٥٣٣.
(٦٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 620 621 622 623 624 625 626 627 628 629 630 ... » »»