(بنعمة ربك) في محل نصب على الحال، والمعنى: ما أنت بمجنون منعما عليك بذلك، وهو جواب لقولهم: ﴿يأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون﴾ (١) (وإن لك) على تحمل أعباء الرسالة وقيامك بواجبها (لأجرا) لثوابا (غير ممنون) غير مقطوع كقوله: ﴿عطآء غير مجذوذ﴾ (2)، أو: غير ممنون عليك به لأنه ثواب تستحقه على عملك.
(وإنك لعلى خلق عظيم) استعظم سبحانه خلقه لفرط احتماله الممضات (3) من قومه، وحسن مخالفته لهم، وقيل: هو الخلق الذي أمره الله به في قوله:
(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجهلين) (4).
وفي الحديث: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " (5).
وعنه أيضا (عليه السلام): " أحبكم إلى الله أحسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، وأبغضكم إلى الله المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الإخوان، الملتمسون للبراء العثرات " (6).
(فستبصر) يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (ويبصرون) أيكم (المفتون) المجنون لأنه فتن أي: محن بالجنون، والباء مزيدة، أو: (المفتون) مصدر كالمعقول والمجلود، أي: بأيكم الجنون، أو: بأي الفريقين منكم الجنون، أبفريق المؤمنين أم بفريق الكافرين، أي: في أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم، وهو تعريض بأبي جهل