تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٤٤
مثل القرآن في نظمه وفصاحته (إن كانوا صدقين)، وإذا لم يقدروا على الإتيان بمثله - وما محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا واحد منهم - فليعلموا أنه لم يتقوله، بل أ (خلقوا) أي:
أحدثوا وقدروا التقدير الذي عليه فطرتهم (من غير شىء) من غير مقدر (أم هم) الذين خلقوا أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق (بل لا يوقنون) وهم شاكون فيما يقولونه، وقيل: أخلقوا باطلا من أجل غير شيء من جزاء و (1) حساب؟ (2) بل أ (عندهم خزآئن) الرزق فيرزقوا النبوة من شاؤوا؟ أو: عندهم خزائن علمه حتى يختاروا لها من اختياره حكمة وصلاح؟ " أم هم المسيطرون " (3) الأرباب المسلطون على الناس حتى يدبروا أمر الربوبية؟ وقرئ: (المصيطرون) بالصاد.
(سلم) أي: مرقى ومصعد منصوب إلى السماء (يستمعون فيه) إلى كلام الملائكة، فوثقوا بما هم عليه وردوا ما سواه (بسلطن مبين) بحجة واضحة تصدق استماع مستمعهم. (أم له البنت ولكم البنون) وهذا تسفيه لأحلامهم، حيث أضافوا إلى الله تعالى ما أنفوا منه، وهذا غاية في جهلهم إذ جوزوا عليه الولد ثم ادعوا أنه اختار الأدون على الأعلى.
(أم تسئلهم أجرا) على ما جئتهم به من الدين (فهم من) جهة (مغرم) فدحهم (4) (مثقلون) أثقلهم ذلك المغرم الذي سألتهم فزهدهم في اتباعك. (أم عندهم الغيب) أي: اللوح المحفوظ (فهم يكتبون) ما فيه حتى قالوا: لا نبعث ولا نعذب.
(أم يريدون كيدا) وهو كيدهم في دار الندوة (فالذين كفروا هم) الذين

(١) في نسخة: " أو " بدل الواو.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 5 ص 65.
(3) الظاهر أن المصنف اعتمدها على قراءة السين دون الصاد التي هي قراءة الجمهور إلا ابن عامر برواية الحلواني والكسائي برواية الفراء عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 613.
(4) يقال: فدحه الدين أي: أثقله، وأمر فادح: إذا عاله وبهظه. (الصحاح).
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 447 448 449 450 ... » »»