ولكنه طغى واختار الضلال على الهدى، كقوله: (وما كان لى عليكم من سلطن إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى) (١). (قال) أي: يقول الله عز اسمه لهم: (لا تختصموا لدى) أي: لا يخاصم بعضكم بعضا عندي في دار الجزاء فلا فائدة في اختصامكم (وقد قدمت إليكم بالوعيد) على ألسنة رسلي، ثم قال: لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي لكم في تكذيب رسلي ومخالفة أمري بغيره (وما أنا بظلم للعبيد) في عقابي (٢)، ولكنهم ظلموا أنفسهم بارتكاب القبائح، والباء في (بالوعيد) مزيدة، مثلها في قوله: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ (3) أو متعدية إن كان " قدم " بمعنى " تقدم "، والجملة التي هي: (وقد قدمت إليكم) وقعت موقع الحال من (لا تختصموا)، بمعنى: وقد صح عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد.
(يوم نقول) قرئ بالنون والياء (4)، وانتصب (يوم) ب (ظلم) أو ب (نفخ) وسؤال جهنم وجوابها من باب التخييل (5) الذي يقصد به تصوير المعنى في القلب، وفيه معنيان: أحدهما: أنه تمتلئ مع تباعد أطرافها حتى لا يزاد على امتلائها، والثاني: أنها من السعة بحيث يدخلوها من يدخلها وفيها موضع للمزيد،