تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤١٩
ولكنه طغى واختار الضلال على الهدى، كقوله: (وما كان لى عليكم من سلطن إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى) (١). (قال) أي: يقول الله عز اسمه لهم: (لا تختصموا لدى) أي: لا يخاصم بعضكم بعضا عندي في دار الجزاء فلا فائدة في اختصامكم (وقد قدمت إليكم بالوعيد) على ألسنة رسلي، ثم قال: لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي لكم في تكذيب رسلي ومخالفة أمري بغيره (وما أنا بظلم للعبيد) في عقابي (٢)، ولكنهم ظلموا أنفسهم بارتكاب القبائح، والباء في (بالوعيد) مزيدة، مثلها في قوله: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ (3) أو متعدية إن كان " قدم " بمعنى " تقدم "، والجملة التي هي: (وقد قدمت إليكم) وقعت موقع الحال من (لا تختصموا)، بمعنى: وقد صح عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد.
(يوم نقول) قرئ بالنون والياء (4)، وانتصب (يوم) ب‍ (ظلم) أو ب‍ (نفخ) وسؤال جهنم وجوابها من باب التخييل (5) الذي يقصد به تصوير المعنى في القلب، وفيه معنيان: أحدهما: أنه تمتلئ مع تباعد أطرافها حتى لا يزاد على امتلائها، والثاني: أنها من السعة بحيث يدخلوها من يدخلها وفيها موضع للمزيد،

(١) إبراهيم: ٢٢.
(٢) في بعض النسخ: " عقابهم ".
(٣) البقرة: ١٩٥.
(4) وبالياء هي قراءة نافع وعاصم برواية أبي بكر عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات:
ص 607.
(5) ومثله في الأدب الانساني كثير كقول الشاعر:
امتلأ الحوض وقال قطني * مهلا رويدا قد ملأت بطني وفي الشعر الفارسي كقوله في المثنوي:
دوزخ است اين نفس و دوزخ اژدهاست * كو بدرياها نگردد كم و كاست عالمي را لقمه كرد و دركشيد * معده اش نعره زنان هل من مزيد
(٤١٩)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 425 ... » »»