بهتوني عندك، فجاءت اليهود فقال لهم النبي (عليه السلام): أي رجل عبد الله فيكم؟ فقالوا:
خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، قال: أرأيتم إن أسلم عبد الله؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فقالوا: شرنا وابن شرنا، قال: هذا ما كنت أخاف يا رسول الله (١).
قال سعد بن أبي وقاص: ما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لأحد يمشي على وجه الأرض: إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، وفيه نزل (وشهد شاهد من بنى إسرءيل على مثله) (٢) والضمير للقرآن، أي: على مثله في المعنى، وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعاني القرآن، ويدل عليه قوله: ﴿وإنه لفي زبر الأولين﴾ (٣)، ﴿إن هذا لفي الصحف الأولى﴾ (4). ويجوز أن يكون المعنى:
وشهد شاهد على نحو ذلك، يعني: على كونه من عند الله.
ونظم هذا الكلام أن الواو الأولى عاطفة ل (كفرتم) على فعل الشرط، وكذلك الواو الأخيرة عاطفة ل (استكبرتم) على (شهد)، فأما الواو في (وشهد) فقد عطفت جملة قوله: (وشهد شاهد من بنى إسراءيل على مثله فآمن واستكبرتم) على جملة قوله: (كان من عند الله وكفرتم به)، والمعنى: قل أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به، واجتمع شهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله بإيمانه به مع استكباركم عنه وعن الإيمان به، ألستم أضل الناس وأظلمهم؟ وجعل الإيمان في قوله: (فآمن) مسببا عن الشهادة على مثله،