تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣١٢
(جعلنه) آية بأن خلقناه من غير سبب كما خلقنا آدم، وشرفناه بالنبوة، وصيرناه عبرة (1) عجيبة كالمثل السائر (لبنى إسرءيل).
(ولو نشاء) لقدرتنا على عجائب الأمور (لجعلنا منكم) أي: لولدنا منكم يا رجال (ملائكة) يخلفونكم (في الأرض) كما يخلفكم أولادكم، كما ولدنا عيسى من أنثى من غير فحل، أو: لجعلنا بدلا منكم يا بني آدم ملائكة يخلفونكم في الأرض ويكون (منكم) في الآية مثل ما في قول الشاعر:
فليت لنا من ماء زمزم شربة * مبردة باتت على الطهيان (2) أو: لجعلناكم أيها البشر ملائكة، فيكون (منكم) من باب التجريد، ويكون فيه إشارة إلى قدرته على تغيير بنية البشر إلى بنية الملائكة.
(وإنه) وإن عيسى (لعلم للساعة) أي: شرط من أشراطها تعلم به، فسمي الشرط علما لحصول العلم به، وقرأ ابن عباس: " وإنه لعلم " (3) أي: علامة وأمارة (فلا تمترن بها) فلا تشكوا فيها ولا تكذبوا بها.
وفي الحديث: " أن عيسى (عليه السلام) ينزل على ثنية بالأرض المقدسة يقال لها:
أفيق، وعليه ممصرتان، وشعر رأسه دهين، وبيده حربة وبها يقتل الدجال، فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة الصبح والإمام (عليه السلام) يؤم بهم، فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم يقتل الخنازير، ويكسر

(١) في بعض النسخ: " غير ".
(٢) البيت ليعلى بن مسلم الأحول الأزدي من شعراء الدولة الأموية، من قصيدة نظمها وهو محبوس بمكة عند نافع بن علقمة في خلافة عبد الملك بن مروان، وقيل: البيت لعمرو بن أبي عمارة الأزدي، وقيل غير ذلك. راجع خزانة الأدب: ج ٥ ص ٢٧٧ - ٢٧٨ و ج ٩ ص ٤٥٣.
(٣) بفتح العين واللام. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 136 وزاد: أبو هريرة وقتادة والضحاك وجماعة.
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»