تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٢٥
وهو الصياح باستغاثة وجهد وشدة. والفائدة في قولهم: (غير الذي كنا نعمل) من غير اكتفاء بقولهم: (صلحا) أنه للتحسر على ما عملوا من غير الصالح مع الاعتراف به، ولأنهم كانوا يحسبون أنهم على سيرة صالحة فقالوا: (أخرجنا نعمل صلحا غير الذي كنا) نحسبه صالحا فنعمله: (أولم نعمركم) توبيخ من الله، فيقول لهم وهو متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه وإن قصر، وإن كان التوبيخ في المتطاول أعظم، وقد قيل: إنه ستون سنة (1)، وقيل: أربعون (2)، وقيل: ثماني عشرة سنة (3) (وجآءكم النذير) عطف على معنى (أولم نعمركم) كأنه قيل: قد عمرناكم وجاءكم النذير وهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو القرآن، وقيل: النذير:
الشيب (4)، وقيل: موت الأهل والأقارب (5) (فذوقوا) العذاب.
(إنه عليم بذات الصدور) كالتعليل، لأنه إذا علم ما في الصدور وهو أخفى ما يكون فقد علم كل غيب في العالم، وذات الصدور: مضمراتها وهي تأنيث " ذو "، وذو موضوع بمعنى الصحبة، فالمضمرات تصحب الصدور.
والخلائف: جمع خليفة وهو المستخلف (فعليه كفره) أي: ضرر كفره وعقاب كفره، والمقت: أشد البغض، وقيل لمن نكح امرأة أبيه: مقتي لكونه ممقوتا في كل قلب.
(أروني) بدل من (أرأيتم) لأن معنى " أرأيتم ": أخبروني، فكأنه قال:
أخبروني عن هؤلاء الشركاء وعما استحقوا به العبادة، أروني أي جزء (من)

(١) وهو قول علي (عليه السلام). راجع التبيان: ج ٨ ص ٤٣٤.
(٢) قاله ابن عباس ومسروق. راجع المصدر السابق.
(٣) قاله قتادة وعطاء والكلبي. راجع تفسير البغوي: ج ٣ ص ٥٧٣.
(4) حكاه الفراء والطبري كما في تفسير الماوردي: ج 4 ص 476.
(5) ذكره الماوردي في تفسيره.
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»